ألا تشعر في داخلك أن الكمال ليس من صفاتك؟ أوَلاَ تتعلم ذلك يومًا بعد يوم؟ أليست كل دمعة تذرفها عينك إنما تبكي “عدم الكمال”؟ أوَ ليست كل تنهيدة تصدر من قلبك إنما تصيح مُعلنة “عدم الكمال”؟ ألا تُعبِّر كل كلمة خشنة نطقت بها شفتاك عن “عدم الكمال”. من المؤكد أنك كثيرًا ما فحصت ما بداخل قلبك، وأدركت أنه من المُحال أن تصف نفسك بالكمال. ولكن في وسط هذا الإدراك الكئيب لعدم الكمال يوجد مصدر تعزية لك، فأنت “كامل في المسيح يسوع”، وفي نظر الله أنت “كامل فيه”.
ومع أنك الآن “مَقْبُولٌ فِي الْمَحْبُوبِ”، إلا أن هناك كمال آخر لا بد وأن يتحقق لكل المؤمنين. أليس أمرًا مُبهجًا أن نتطلع إلى ذلك الحين الذي يزول فيه كل أثر للخطية من المؤمن؟ حيث يُحْضَر أمام العرش بلا عيب، بلا دنس ولا غضن ولا شيء من مثل ذلك. عندئذ تكون كنيسة المسيح طاهرة تمامًا، حتى أن عين ذاك الذي هو كُلي المعرفة لن تقع على أية شائبة فيها، بل ستكون مقدسة ومجيدة. وعندئذ سوف نعرف ونتذوق ونستشعر مقدار السعادة التي تتضمنها هذه العبارة، ذات الكلمات القليلة، والمضمون الواسع: “كامل في المسيح”». وإلى أن تحين هذه اللحظة لا نستطيع أن ندرك بالتمام علو وعمق الخلاص الذي بيسوع.
ألا يثب قلبك من الفرح عندما تتفكر في ذلك؟ فمهما كنت أسودًا الآن، فإنك ستصبح أبيضًا تمامًا. ومهما كنت مُلوثًا بالدنس الآن، فستصبح طاهرًا تمامًا. لقد أخذ المسيح شيئًا أسود مشوهًا، وجعل منه شيئًا طاهرًا بلا نظير له في مجده، ولا شبيه له في جماله.
عظّمي ربك يا نفسي، قفي وامتلئي إعجابًا بهذا الحق المبارك عن الكمال في المسيح.