يقول الرب من خلال إشعياء النبي: «لأَنَّهُ كَمَا عَلَتِ السَّمَاوَاتُ عَنِ الأَرْضِ، هكَذَا عَلَتْ طُرُقِي عَنْ طُرُقِكُمْ وَأَفْكَارِي عَنْ أَفْكَارِكُمْ» ( إش 55: 9 ). هذه الكلمات ذات صلة خاصة فيما يتعلق بتطهير نُعْمَان. لو تُركت الأمور بين يديه، وبين يدي ملوك إسرائيل وأرام، لما كانت هناك نتيجة إيجابية. كان يجب أن يأتي الشفاء والتطهير عن طريق الله.
وكان إيمان الفتاة المسبية الصغيرة يلمع كمنارة في وسط الظلام الروحي في أرام؛ وما كان أروع هذا بالنسبة لفتاة صغيرة جدًا، تعيش في مثل هذه البيئة الغريبة؛ وفي وقت ما في الماضي، اُختطفت بقسوة من منزلها، وحُملت أسيرة إلى أرض أجنبية! ولربما كان والداها قد قُتلا في هجوم أرام. ومع ذلك، كشف سلوكها أنها لم تكن تحمل أي مرارة أو استياء من خاطفيها، وأنها خدمت زوجة نُعْمَان بأمانة وإخلاص (ع2). ويبدو من كلماتها القليلة المُسجَّلة أنها جاءت من إحدى العائلات التي تخاف الله في إسرائيل، وأنه كان لديها إيمان شخصي: «فَقَالَتْ لِمَوْلاَتِهَا: يَا لَيْتَ سَيِّدِي أَمَامَ النَّبِيِّ الَّذِي فِي السَّامِرَةِ، فَإِنَّهُ كَانَ يَشْفِيهِ مِنْ بَرَصِهِ» (ع3). لم يكن هناك شك على الإطلاق في فكرها أن نُعْمَان سوف يُشفى إذا ذهب إلى أليشع. كانت تعرف أنه أممي، ولم تسمع قط عن أي أبرص في إسرائيل - ناهيك عن بين الأمم - تم شفاؤه وتطهيره. ورغم ذلك كان لديها الإيمان الواثق بأن نُعْمَان سيُشفى. كانت تعرف أن العواقب ستكون وخيمة عليها إذا ثبت أنها مخطئة. إيمانها الهادئ والواثق أثار إعجاب نُعْمَان «فَدَخَلَ وَأَخْبَرَ سَيِّدَهُ قَائِلاً: كَذَا وَكَذَا قَالَتِ الْجَارِيَةُ الَّتِي مِنْ أَرْضِ إِسْرَائِيلَ» (ع4). ربما كانت هذه الفتاة “صغيرة”، لكنها أظهرت إيمانًا “عظيمًا” كان شاهدًا قويًا للآخرين.