كانت الكنيسة الأولى تؤمن إيمانًا راسخًا بسيادة الله الكُلية، وفي خطته المُحكَمة والصالحة لشعبه. ولكن هذا الإيمان بالسيادة الإلهية لم يلغِ مسؤوليتهم البشرية؛ فقد كانوا أمناء في الشهادة وفي الصلاة. فعندما يفقد شعب الرب التوازن المطلوب بين القدرة الإلهية والمسؤولية البشرية، تفقد الكنيسة قوتها الروحية. وحسنًا قال القديس أغسطينوس: “صلِّ وكأن كل شيء يتوقف على صلاتك، واعمل وكأن كل شيء متوقف على عملك”. إن الإيمان بالسَيِّد الرب كُلي القدرة، يُعطي لشعب الرب تشجيعًا لا حدود له للاستمرار، والمُضي قُدمًا في خدمة الرب، عندما تكون المسيرة صعبة.
ونلاحظ أنهم لم يطلبوا حماية، بل طلبوا قوة. لم يطلبوا نارًا من السماء لتأكل أعداءهم، بل طلبوا معونة من السماء ليُبشروا بالكلمة ويشفوا المرضى، ولقد كانت رغبتهم القصوى في أن ينالوا الشجاعة في مواجهة المُقاومين ( أع 4: 29 ، 30). والتركيز هنا ينصب على عمل الله في حياة الكنيسة، وليس على ما تُنجزه يد الإنسان في عمل الرب. فالصلاة الواثقة تُطلق قوة الرب، وتسمح ليده أن تعمل.
وحسنًا قال أحدهم: “لا تُصلِّ من أجل حياة سهلة، بل صلِّ لأن تكون رَجلاً أقوى. لا تُصلِّ طلبًا لمهام تتناسب مع قدراتك، ولكن صلِّ لأجل قدرات تتناسب مع مهامك!” هذا هو الأسلوب الذي كانت تتبعه الكنيسة الأولى في الصلاة، وهو ما يجب أن ينتهجه شعب الرب في هذه الأيام.
ونلاحظ أن غاية مرادهم كانت تمجيد ابن الله: «وَلْتُجْرَ آيَاتٌ وَعَجَائِبُ بِاسْمِ فَتَاكَ الْقُدُّوسِ يَسُوعَ» ( أع 4: 27 ، 30). فقد منحهم هذا الاسم القوة ليخدموا الكلمة، وليُجروا المعجزات، وهو وحده الذي يستحق المجد. ومجد الرب - لا رغبات البشر - هو الغاية العُظمى للصلاة المُستجابة.