المذبح يُشير إلى أساس السجود. وهو يمثل أوجهًا ثلاثة: فهو أولاً مذبح من حجارة كما بناه يشوع ( يش 8: 31 ). وهو ثانيًا مذبح من نحاس كما أقامه موسى في دار الخيمة. وهو ثالثًا مذبح من ذهب كما في القدس. المذبح من حجارة يُمثل بصفة عامة أساس الاقتراب التعبُّدي الخشوعي إلى الله. والمذبح من نحاس يُمثل اقتراب الخاطئ المُستحق لدينونة الله، وهو أساس الغفران. ويشير أيضًا إلى القوة التي تحتمل دينونة الخطية، لأن النحاس يرمز إلى قوة المسيح. والمذبح الذهبي هو مذبح البخور حيث البر الإلهي (الذهب) في ناسوت الإنسان يسوع المسيح (الذي يُمثله خشب المذبح). والسجود هو صورة تسبيح لله وحمده إلى الأبد.
وفي تكوين8: 20، 21 نقرأ «بَنَى نُوحٌ مَذْبَحًا لِلرَّبِّ ... فَتَنَسَّمَ الرَّبُّ رَائِحَةَ الرِّضَا». وهنا نرى مثالاً لِما ستكون عليه الحال في العصر الألفي تحقيقًا للقول: «فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ مَذْبَحٌ لِلرَّبِّ فِي وَسَطِ أَرْضِ مِصْرَ، وَعَمُودٌ لِلرَّبِّ عِنْدَ تُخُمِهَا» ( إش 19: 19 ).
بنى يشوع مذبحه من حجارة صحيحة وفيها صفة الثبات، ولكن لم يرفع عليها إزميلاً «إِنْ صَنَعْتَ لِي مَذْبَحًا مِنْ حِجَارَةٍ فَلاَ تَبْنِهِ مِنْهَا مَنْحُوتَةً. إِذَا رَفَعْتَ عَلَيْهَا إِزْمِيلَكَ تُدَنِّسُهَا» ( خر 20: 25 ). وهذه صفة في السجود الحقيقيِّ: إنه لا يكون بمجهود الإنسان أو بقوة ذراعه، ولا بذهنه البشري الجسدي.
إن المذبح المادي هو رمز، مجرَّد رمز ـ فإذا كان الفكر يراودني في عهد الحقيقة، لأن أعيد فكرة المذبح المادي للاستعمال، فمعنى هذا تفضيل الصورة على الحقيقة، والرمز على المرموز إليه، واعتبار الظل أكثر مما نعتبر الجوهر «لَنَا «مَذْبَحٌ» لاَ سُلْطَانَ لِلَّذِينَ يَخْدِمُونَ الْمَسْكَنَ أَنْ يَأْكُلُوا مِنْهُ» ( عب 13: 10 ).