لم يضع الرجال الذين كتبوا المرسوم الله في حساباتهم. ولم يضعوا في حساباتهم أية قوة قادرة على ردع وحشية الأُسُودِ؛ فلم يُشيروا في مرسومهم بأنه أي فرد يُلقى في جب الأُسُودِ يجب أن يُقتل بواسطة الأُسُودِ، لذا فالقانون قد نُفِّذ ودانيال قد أُنقِذ. بل أن الملك أمر بأن يُلقى هؤلاء الرجال الخبثاء الحاقدين وعائلاتهم في جُبِّ الأُسُودِ، الفخ الذي نصبوه لدَانِيآل (ع24). ويُرسل الآن دَارِيُّوسُ مرسومًا ثانيًا للساكنين في الأرض كلها، بأن كل البشر عليهم أن يرتعدوا ويخافوا قدام إله دَانِيآل. وهذا يفوق مرسوم نبوخذنصر، الذي أمر ألا يتكلَّم أحد بسوء ضد الله ( دا 3: 29 ). فهذا المرسوم يأمر بتقديم الاحترام والخوف لله كاعتراف بسلطانه المطلق كالإله الحي. لذا، فمن خلال إيمان رجل واحد، تحولت الجهود من أجل تنصيب إنسان في مكان الله، إلى فرصة متسعة الأرجاء لإعلان الشهادة الاختبارية بالله الحي.
إن الحادثة كلها مشروحة بطريقة لافتة للنظر في المزمور السابع والخمسين. هناك وجد المُرنم نفسه مُحاطًا بأولئك الذين يريدون ابتلاعه. لذا يصرخ إلى الله العليّ الذي يستطيع أن يفعل كل شيء ولا يعسر عليه أمر. وإذ يصرخ لله، فإنه يثق بأن الله سوف « يُرْسِلُ مِنَ السَّمَاءِ» ويُخلّصه؛ وبهذه الثقة يُحفَظ هادئًا. فبالرغم من أنه – بحسب ظروفه – كما لو كان «بَيْنَ الأَشْبَالِ»، ومُحاطًا بأعدائه الذين «أَسْنَانُهُمْ أَسِنَّةٌ وَسِهَامٌ، وَلِسَانُهُمْ سَيْفٌ مَاضٍ»، لكنه يقول: «حَفَرُوا قُدَّامِي حُفْرَةً. سَقَطُوا فِي وَسَطِهَا». علاوة على ذلك، فإن الله يتمجَّد، وتسبيحه يعلو «بَيْنَ الأُمَمِ»، بل ويُعظمه «عَلَى السَّمَاوَاتِ» و«عَلَى كُلِّ الأَرْضِ». والنهاية الحتمية لفجور البشر هي أن الشرير سوف يُعاقب بهلاك أبدي، والتقي سوف يُكافأ على كل آلامه؛ وسيُمجَّد الله في كل الأرض بمجد المسيح.