إن هذه الحادثة هي توضيح مناسب جدًا لفشل كل مسـرَّات هذا العالم، المرموز إليها هنا بالخمر المُقدَّم في العُرْس، والذي لم يكن كافيًا حتى نهاية العُرْس. هكذا كل الملذات الأرضية، والمسـرات العالمية، فهي تأتي في كؤوس لا ينابيع، أي أن المصادر محدودة، وسرعان ما تنضب. هكذا هي ولا سيما ملذات الخطية. فالابن الضال سرعان ما استنفد ثروته، وابتدأ يحتاج. لقد شبَّه أحد الشعراء الخطية بندفة الثلج على النهر؛ “بيضاء للحظة، ثم تختفي إلى الأبد”. لكن ينطبق هذا أيضًا على المسـرات النقية من وجهة ما. فحتى حلاوة المحبة البشـرية هي مجرد كأس لا يستمر إلى الأبد. والبهجة التي تغمرنا اليوم، تتحول إلى حزن في الغد. ووسط الابتهاج بتعهدات الزواج، هناك قرع أجراس جنائزية في الكلمات: “إلى أن يفصلنا الموت”. وإذا تأنى الرب في مجيئه، فواحد من كل رفيقين لا بد أن يمسك يد رفيقه للوداع على حافة الوادي؛ لا بد أن يقف عند قبره، ويعود ليسير بمفرده باقي الطريق.
إن أفخر وأفضل خمور الحياة والمحبة لا بد أن تنتهي. لو لم يكن هناك ما هو أفضل في هذه الحياة، ما كان أتعسها! لكننا هنا نرى مجد إنجيل المسيح. الرب يسوع يقترب عندما تفرغ خمر الأرض، ليُعطي خمر السماء لتسد العوز. يا لروعة وصدق الصورة هنا! الخمر الفارغة، ثم حضور الرب يسوع بقوة مُسددًا الاحتياج! هذا ما يفعله دائمًا. إنه يأخذ الحياة التي استنفدت آخر قطرة من الملذات الأرضية، ليُشبعها بالصلاح والبركات الروحية، فلا يعوزها أي شيء بعد. إن كان الرب يسوع معنا، فعندما تخفق الأفراح البشـرية، فإنه – تبارك اسمه - يُعطي أفراحًا جديدة، أفضل بما لا يُقاس، من التي للعالم، ويجزلها بوفرة لا تنضب. وما أتعس مَن لم يأخذوا المسيح نصيبهم!