الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الاثنين 18 أغسطس 2025 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الحِلْمُ
«أَمَّا الرَّجُلُ مُوسَى فَكَانَ حَلِيمًا جِدًّا أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ الَّذِينَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ» ( عد 12: 3 )
الحِلْمُ يعني الّلُطف والمرونة في التعامل مع الغير، وعدم الإصرار على الحقوق الشخصية، والاستعداد للتنازل عنها.

ومن الإشارة الأولى للكلمة، يمكن أن نفهم المعنى المقصود بالحِلْم، فقد «تكَلَّمَتْ مَرْيَمُ وَهَاروُنُ عَلَى مُوسَى ... وَأَمَّا الرَّجُلُ مُوسَى فَكَانَ حَلِيمًا جِدًّا أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ الَّذين عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ». كان الدافع الحقيقي وراء كلامهما هو الغيرة من مُوسَى، مع أن الرب ميَّز كل منهما بمميزات عظيمة وسط الشعب، لكن الجسد يَحسِد ويَذُم الغيرَ، وكم كانَ الكلامُ مؤلمًا لمًوسَى! لكن ماذا فعل موسى؟ لم يستحضرهما ليُوبخهما لسبب هذا الكلام، لكنه تنازل عن حقوقه الشخصية، وصَمَتَ مُسلَّمًا أمره للرب؛ «فَسَمِعَ الرَّبُّ» (ع 2)، وتدّخلَ فورًا لإنصاف عبده: «وَدَعَا هَارُونَ وَمَرْيَمَ فَخَرَجَا كِلاَهُمَا ... فَقَالَ: ... لِمَاذَا لاَ تَخْشَيَانِ أَنْ تَتَكَلَّمَا عَلَى عَبْدِي مُوسَى؟» (ع4-8).

وكانت حياة المسيحِ هي التجسيم الكامل لكل السجايا والفضائل المسيحية، كان حَلِيمًا جدًّا، وفي كل حياته كان يتنازل عن حقوقه ويُسَلّم دائمًا للآب. نقرأ في لوقا 9: 51-56 أنه كان في طريقِهِ من الجَلِيلِ إلى أورشليم، وأرسَلَ أمام وجهه رُسُلًأ، وذهبوا ودخلوا قرية للسامريين حتى يُعِدّوا له، لكن أهل القرية لم يقبلوه، وكانت ردة فعل يعقوب ويوحنا أنهما أرادا أن يأذن لهما الرب حتى تنزل نارٌ من السماءِ فتفنيهم، لَكِنَّ يسوع انتهرهما موبخًا إياهما قائلًا: «لَسْتُمَا تَعْلَمَانِ مِنْ أَيّ روحٍ أَنْتُمَا». ثم أَعْلَنَ: «لأَنَّ ابنَ الإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُهْلِكَ أَنْفُسَ النَّاسِ، بَلْ لِيُخَلّصَ». ويُضيف لُوقَا هذه العبارة المؤثرة: «فَمَضَوْا إلى قَرْيَةٍ أُخْرَى». هذَا هُوَ المثال الكامل في الحِلم.

فريد زكي
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net