لقد وصف الرب يسوع يهوذا الإسخريوطي بالوصف البالغ الأسى «ابْنُ الْهَلاَكِ». وقال عنه أيضًا: «كَانَ خَيْرًا لِذلِكَ الرَّجُلِ لَوْ لَمْ يُولَدْ!» ( مت 26: 24 ). وكيف لا، وقد خرج من حضرة الرب يسوع المسيح ليواجه ليله الأبدي «فَذَاكَ لَمَّا أَخَذَ اللُّقْمَةَ خَرَجَ لِلْوَقْتِ. وَكَانَ لَيْلاً» ( يو 13: 30 ). لم يكن لَيْلُهُ مجرد ليل الطبيعة الذي أرخى سدوله في كل مكان، بل كان الليل الأعمق في داخله الذي حلَّ فيه الشيطان وملأه ظلامًا. وهذا المخلوق التَعِس، الذي رفض، وبإصرار محبة الرب يسوع، والذي باع نفسه بجملته تحت سلطان قوات الظلمة، أصبح الآن مهيئًا ليرتكب أبشع جريمة في التاريخ.
ولقد ندم يهوذا على فعلته أخيرًا، وقال: «قَدْ أَخْطَأْتُ إِذْ سَلَّمْتُ دَمًا بَرِيئًا». ولكن هذا الاعتراف بالخطية، كان أشبه باعتراف فرعون الذي قال لموسى: «أَخْطَأْتُ»، وكان أشبه باعتراف شاول الذي قال لصموئيل: «أَخْطَأْتُ لأَنِّي تَعَدَّيْتُ قَوْلَ الرَّبِّ وَكَلاَمَكَ»، أو عندما قال لداود: «قَدْ أَخْطَأْتُ. اِرْجعْ يَا ابْنِي دَاوُدُ» ( 1صم 15: 24 ؛ 26: 21). وكانت النقطة المهمة في مثل هذا الاعتراف أنه إحساس بالجُرم دون الالتجاء إلى رحمة الله ومحبته! فذهب يهوذا إلى الليل الأبدي بدون رجاء! وهكذا كل مَنْ باع الرب يسوع المسيح، ورفض محبته، واستبدلها بمتاع أو شهوة أرضية، لن يجد أمامه إلا الموت المُخيف، والظلام الأبدي.
عزيزي: إن الجرثومة التي عملت في يهوذا، توجد في كل واحد منا، وقد تنمو وتتكاثر قبل أن ننتبه لها. وإن كنا لا نضع أنفسنا، في وقت مبكر، تحت حماية النعمة الإلهية والمحبة الفدائية، فإن الشيطان لا يكف عن أن “يَجُولُ - كَأَسَدٍ زَائِرٍ - مُلْتَمِسًا مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ”. فليتك تُسرع لأجل خلاص نفسك، ولا تهدأ إلا بعد أن تُلقي بنفسك في أحضان محبة الرب، وإياك أن ترفض محبة الرب يسوع.