كانت أَبِيجَايِلُ تثق أن الرب رتب لداود بيتًا أمينًا لأنه يحارب حروب الرب، وكانت ترى الكمال في داود، إذ قالت له: «لَمْ يُوجَدْ فِيكَ شَرٌّ كُلَّ أَيَّامِكَ». هذا يُشبه ما قاله اللص عن الرب يسوع: «وَأَمَّا هذَا فَلَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ» ( لو 23: 41 ). وتقول عن شاول: إنه مجرد رجل يطارد داود ويطلب نفسه، ولكن كل محاولاته لتعطيل مقاصد الله ستبوء بالفشل. ثم قالت: «وَلكِنْ نَفْسُ سَيِّدِي لِتَكُنْ مَحْزُومَةً فِي حُزْمَةِ الْحَيَاةِ مَعَ الرَّبِّ إِلهِكَ»، وفيها إشارة إلى الحياة الأبدية الـتي تكلَّم عنها الرب يسوع، والـتي يعطيها الرب يسوع لخرافه ( يو 10: 28 ). وهذا ما حدث مع داود. لقد عرفت أن شاول ونابال سيموتان وداود سيملك. أما أعداء داود فليـرمِ بها كما من “وَسَطِ كَفَّةِ الْمِقْلاَعِ”. وهي بذلك كانت تُذكِّره بما حدث عندما قتل جليات الفلسطيني. وهذا هو مصير الرافضين للمسيح، والذين يُمثِّلهم الرافضون لداود كالملك.
أن ترى أَبِيجَايِلُ مجده المستقبل من خلال السـحب القاتمة الـتي خيمت عليه، فهذا يتطلب الإيمان، أما أن تفتخر به كسَيِّدها فهذا يتطلب الحب.
ولقد طلبت أَبِيجَايِلُ من داود أن يذكرها حين يملك على الشعب. وهذا يُذكِّرنا بما حدث مع الرب يسوع حين كان مُعلَّقًا على الصليب، حيث قال له أحد اللصين المصلوبين معه: «اذْكُرْنِي يَا رَبُّ مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ» ( لو 23: 42 ). لقد آمن بالرب بالرغم من كل مظاهر الرفض والاحتقار والتعييـر الموجهة ضده، واعتـرف به كالملك حتى وهو يموت على الصليب. وكانت إجابة الرب له: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ» ( لو 23: 43 ). ولقد أجابه الرب في نفس اليوم، وليس كما طلب هو حين يأتي الرب في مُلكه. لكن داود أجاب طلب أَبِيجَايِل بعد موت نابال، أي بعد عشرة أيام.