إن المسيح أعظم من يونان في أشياء كثيرة، نذكر منها:
* أعظم منه في شخصه: فيونان مجرد إنسان، أما المسيح فهو ابن الله. في هذا يرد القول: «اَللهُ، بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيمًا، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُق كَثِيرَةٍ، كَلَّمَنَا فِي هذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِي ابْنِهِ» ( عب 1: 1 ، 2). ولقد برهن المسيح أنه ابن الله بالآيات العديدة التي فعل، بينما يونان لم يفعل أيَّة آية.
* أعظم منه في طاعته: فيونان عندما أُرسل من الله إلى نينوى لم يُرَحِّب بالإرسالية، وهرب من وجه الرب، وعصي إلهه حتى الموت، أما المسيح فعند دخوله إلى العالم يقول: «هأَنَذَا جِئْتُ. بِدَرْجِ الْكِتَابِ مَكْتُوبٌ عَنِّي: أَنْ أَفْعَلَ مَشِيئَتَكَ يَا إِلهِي سُرِرْتُ» ( مز 40: 7 ، 8)، «وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ، حَتَّى الْمَوْتَ، مَوْتَ الصَّلِيبِ» ( في 2: 8 ). وأمام أهوال الصليب التي استعرضها في جثسيماني قال للآب: «لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ» ( لو 22: 42 ).
* أعظم منه في صلاته: فيونان في السفينة تهرَّب من الصلاة، وأخيرًا صلَّى مُرغمًا في بطن الحوت، ولكن المسيح كان رجل الصلاة الأعظم، الذي قال بحق: «أَمَّا أَنَا فَصَلاَةٌ» ( مز 109: 4 ). قبل أن يبدأ خدمته نراه مصليًا عند المعمودية ( لو 3: 21 )؛ وفي نهايتها نراه مصليًا في البستان ( لو 22: 41 )، وأيضًا عندما رُفع فوق الصليب، كانت أولى كلماته صلاة، وختام كلماته صلاة لله ( لو 23: 34 ، 46).
* أعظم منه في موته: فيونان طُرح في البحر الهائج، وفي الحال هدأت أمواجه الثائرة، ولكنه لم يمُت، بل الله حفظ حياته بقوة معجزية؛ أما المسيح فقد طُرح في بحر الدينونة المرعب، ومات فعلاً، إذ “ذَاقَ بِنِعْمَةِ اللهِ الْمَوْتَ لأَجْلِ كُلِّ وَاحِدٍ” ( عب 2: 10 ). ونتيجة هذا الموت الكفاري هدأ عجيج غضب الله.