إنه أمر مبارك وطيب لنفوسنا أن توافينا نعمة الله لترفع أرواحنا فوق المتاعب، حتى ولو استمرت ظروفها. كانت الشوكة في جسد بولس تجربة قاسية بالنسبة له، وعند كل أحبائه، لأنها كانت شوكة تُثير احتقار الناس له ( غل 4: 14 ). وكانت في نظر بولس، وفي نظر أحبائه، كأنها مُعطّلة للكرازة، وأنها شوكة جاءت عليه، ولم يكن عنده قبل الإيمان. وكان من شأنها أن تجعل أولئك الذين يتطلعون إلى الشكل الظاهري، في خطر الابتعاد عنه، وفقدان الاحترام له. ونحن لم نُخبَر بماهية هذه الشوكة، ولا ينبغي أن نُضيف إلى كلمة الله شيئًا من عندياتنا، فنقول إنها كذا أو كذا، لكننا نعرف أن الغلاطيين والكورنثيين تأثروا بها، ولعل بعضهم تذرع بها ليتقوَّل على إرسالية بولس. وربما صوَّره البعض بأنه كان واقعًا تحت غضب الله. أما بولس نفسه فقد كان مُجرَّبًا بشدة بسببها، ولم يُخفِ ذلك عن الكورنثيين.
لكن الرسول تعلَّم درسًا عميقًا من بقاء هذه الشوكة مع تداخل نعمة الله الرافعة، إذ كانت له مناظر الرب وإعلاناته، والمعرفة العميقة بمحبة الله الفائقة المعرفة. كل هذا دون رفع الشوكة، ودون جواب سريع من جانب الله، بل كانت الشوكة مستمرة، ولكن كانت النعمة ترفع روح الرسول فوقها بالتمام. وكلَّما شعر بوطأتها تعلَّم كيف يُمات كل النهار ( رو 8: 36 ). وهكذا تعلَّم أن مع الشوكة هناك ما هو أفضل «تَكْفِيكَ نِعْمَتِي، لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضَّعْفِ تُكْمَلُ» ( 2كو 12: 9 ).
أين لنا بإيمان مثل هذا نُطبّقه في وسط ظروفنا ومتاعبنا، وعجزنا عن إصلاح الأحوال من حولنا. ليتنا نثق في الله وفي أن خلاصه كامل، وأن محبته كاملة، فنهدأ ونطمئن. إن الرب قريب المجيء، لكن قبل أن يأتي لن يكف عن أن يكون رأس الكنيسة المُعتني بها، والمتعهد سلامتها من كل وجه.