في إجابة العروس للعريس نرى جمالاً حقيقيًا. فعندما سمعت العروس من حبيبها عبارات المدح والإعجاب، لم تَقُل شيئًا عن نفسها. ولا حتى عن رداءة أصلها، أو أنها غير مستحقة هذا المدح. فالذات قد نُسيت تمامًا، وهذا هو الاتضاع الحقيقي. فقد نتكلم كثيرًا عن رداءة نفوسنا وعدم استحقاقنا، ومع ذلك يظل القلب مليء بالغرور والكبرياء.
فالاتضاع الحقيقي هو عدم التحدث أساسًا عن الذات. سواء في الإيجاب أو السلب، سواء مدح أنفسنا والمشغولية بنجاحنا وصلاحنا، أو ذم أنفسنا والتفكر في رداءتنا. وهذا الدرس ليس بالسهل أن نتعلمه. ولكن تفكرنا في النموذج الأعظم؛ الرب يسوع وكيف «أَخْلَى نَفْسَهُ»، و«وَضَعَ نَفْسَهُ» ( في 2: 7 ، 8)، سيقودنا إلى إنكار الذات، بل والتفرغ من الذات نهائيًا.
فآدم الأول عندما أراد أن يرفع نفسه، قد وُضع. ولكن آدم الأخير وَضَعَ نَفْسَهُ «لِذلِكَ رَفَّعَهُ اللهُ» ( في 2: 9 ). وهذا المبدأ واسع التطبيق جدًا. فهو يمتد ليشمل الحياة بأسرها، فقد رأيناه واضحًا في آدم الأول وآدم الأخير، ونراه واضحًا يوميًا أمام عيوننا. فالطبيعة الساقطة فينا تُسّر دائمًا وتميل إلى الارتفاع والكبرياء والتعالي «تَكُونَانِ كَاللهِ» ( تك 3: 5 )، ولكن الطبيعة الجديدة تُسّر أن تُوجد في المكان الخفيض إلى أن تسمع القول: «يَا صَدِيقُ، ارْتَفِعْ إِلَى فَوْقُ» ( لو 14: 10 ).
فكيف نتعامل إذاً مع الطبيعة العتيقة؟ يقول الكتاب «وَلكِنَّ الَّذِينَ هُمْ لِلْمَسِيحِ قَدْ صَلَبُوا الْجَسَدَ مَعَ الأَهْوَاءِ وَالشَّهَوَاتِ» ( غل 5: 24 ). فيا ليتنا نسلك بموجب قوة ونور هذا الحق العظيم، فيُميزنا الاتضاع وفقدان صورة الذات، فنجد راحة حقيقية لنفوسنا، ونُميت بالروح كل أعمال الجسد البغيض الذي يُسّر بالارتفاع والتعالي.