التدريبات الإلهية قد تكون مؤلمة، لكنها نافعة جدًا، ولا يمكن أن تكون بلا قصد: فأولاً: لمعاملات الله وجه شخصـي: لإنماء وتهذيب النفس: إن الله يهمه أولاً حالتنا الروحية أكثر من الأعمال التي نقوم بها. إن الغرض من هذه التدريبات هو قداستنا. إن الله يهمه أن نتقدس في كل سيرة وسريرة، لكي نكون مُشابهين لصورة ابنه، فتظهر فينا الفضائل المسيحية مُجسَّمة أمام الناس. وليس هناك من بديل؛ فحيث لا تأديب، لا يكون حصاد في القداسة الشخصية أو في مشابهة المسيح.
إن الله يريد نضوجنا الروحي، فلا ينطبق علينا القول: «أَفْرَايِمُ صَارَ خُبْزَ مَلَّةٍ لَمْ يُقْلَبْ» ( هو 7: 8 )، أي أنضجته النار من أحد وجهيه، لكن الوجه الآخر بقي غير ناضج، لأنه لم يُقْلَبْ. الله لا يرضى بهذه الحالة لأولاده، ولا يكتفي بأن يرانا مُقدَّسين جزئيًا، أي حاصلين على نمو ونضج في أمر، فيما ينقصنا الكثير في الأمور الأخرى. وهو، لكي يُصلح عدم التوازن هذا، يُعرّضنا لنار الامتحان لإنضاج الجانب غير الناضج من أخلاقنا وشخصياتنا. وهكذا نتكمل في كل ناحية من نواحي حياتنا الروحية، وفي كل الفضائل المسيحية.
وثانيًا: لمعاملات الله وجه نهائي: لإعداد المؤمن للسماء: ما هذه الحياة إلا صف الحضانة الذي يعدّنا لنرتقي إلى السماء. كل الأشياء التي في العالم ستزول، من أجل هذا فإن الله يدربنا كي يخلع قلوبنا من هذا العالم، وينزع محبة العالم من قلوبنا، ويرفع أبصارنا إلى السماء، ويُشوقنا للبيت الأبدي السعيد. فيسمح لنا بالتدريبات المؤلمة هنا في هذا العالم، لأنه لا يوجد إكليل في الأبدية دون أن يسبقه صليب هنا. فالذي يريد أن يتمتع بالإكليل، عليه أن يحمل الصليب هنا.