يصف الأصحاح الثلاثون من نبوة إشعياء حالة شعب الله الداخلية، في مملكة يهوذا، عندما تهدَّدهم خطر الغزو الأشوري بقيادة سنحاريب. وكان هذا الغزو هو إحدى الدلائل على عدم رضى الله عن شعبه، نظرًا لتمردهم وضلالهم. وعوضًا عن الرجوع إلى الرب الذي إليه أخطئوا، والاعتراف بآثامهم، والحكم على ذواتهم لزيغانهم وزيفهم، وعدم جدّيتهم في عبادة الرب؛ عوضًا عن كل هذا، ارتدوا إلى عدّوهم القديم مصر، على أمل أن يُساعدهم لصدّ الغزاة. وكان الأجدر بهم أن يقفوا - أمام الله – موقف التوبة، ويطلبوا مشورته، لا مشورة البشر، ولا سيما لأنه كان في ذلك الحين يتكلَّم إليهم على لسان إشعياء وغيره من الأنبياء!
أو لسنا نرى في تصرّفهم درسًا لنا اليوم؟ فما أكثر ميلنا في أزمنة الضيق إلى الاعتماد على القوة المنظورة، وعلى الإمكانيات البشرية، بدلاً من الاستناد الكامل على الله الحيّ! إن تطلُّع المؤمنين إلى العالم طلبًا للمعونة، عوضًا عن الالتفات إلى الرب، لدليل واضح على التدهور الروحي. فعندما نشعر أن يد الله المؤدِّبة ممدودة علينا بسبب خطية، أَليس من الأجدر أن نقترب إلى الله، ونفحص أنفسنا في محضرة، ونحكم على أنفسنا، وندين الشر الذي في حياتنا، ونتوب عنه. والرب دائمًا على أهبة الاستعداد للتجاوب بنعمته مع شعبه «إِنِ اعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ» ( 1يو 1: 9 ). لكننا دائمًا مُعرَّضون لنسيان هذه الحقيقة، ومحاولة إيجاد مخرج من مصاعبنا بالوسائل البشرية، بدلاً من الاتكال على الله القدير. ومثلما تورّط بنو يهوذا في متاعب أقسى لمّا ارتكبوا حماقة الالتفات إلى مصر للمعونة، كذلك نحن دائمًا نجعل الأحوال أسوأ، إذ بدلاً من التطلُّع إلى الله، نُحاول - بالوسائل الجسدية - أن نُخرج أنفسنا من المآزق الصعبة، التي ورّطتنا بها سقطاتنا الذاتية.