فشل أدُونِيَّا في الانتباه إلى التحذيرات التي قدمتها محاولة أبشالوم الفاشلة لاغتصاب العرش. من المؤكد أنه عرف جيدًا نهاية أبشالوم المُهينة بين أغصان البُطمَة، وكيف عُلِّق بين السماء والأرض، ورغم ذلك اعتقد أدُونِيَّا – بحماقة - أنه يمكن أن يتبع نفس المسار وينجو بسلام بمشتهاه! ولكنه سرعان ما اكتشف - بتكلفة كبيرة - كيف كان مخطئًا.
وعلى الرغم من أنه لا يستحق الرحمة، إلا أن كلمات سليمان الأولى، كان ينبغي أن تؤدي إلى رد نفسه: «فَقَالَ سُلَيْمَانُ: إِنْ كَانَ ذَا فَضِيلَةٍ لاَ يَسْقُطُ مِنْ شَعْرِهِ إِلَى الأَرْضِ، وَلكِنْ إِنْ وُجِدَ بِهِ شَرٌّ فَإِنَّهُ يَمُوتُ»، أي “إِنْ أَثْبَتَ صِدْقَ وَلاَئِهِ فَإِنَّ شَعْرَةً وَاحِدَةً مِنْ رَأْسِهِ لَنْ تَسْقُطَ إِلَى الأَرْضِ، وَلَكِنْ إِنْ أَضْمَرَ الْخِيَانَةَ وَالشَّرَّ فَإِنَّهُ حَتْمًا يَمُوتُ” (ع52). كانت رحمة سليمان لأدونيا مشروطة؛ «إِنْ وُجِدَ بِهِ شَرٌّ فَإِنَّهُ (حَتْمًا) يَمُوتُ» (ع52)، والرحمة الحقيقية ليست أبدًا على حساب البر، لذلك «أَرْسَلَ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ فَأَنْزَلُوهُ عَنِ الْمَذْبَحِ، فَأَتَى وَسَجَدَ لِلْمَلِكِ سُلَيْمَانَ» (ع53). لقد كان أدُونِيَّا مليئًا بالكبرياء والتمرد، لكنه تم إخضاعه وإذلاله. لقد «تَرَفَّعَ قَائِلاً: أَنَا أَمْلِكُ» (ع5)، ولكن قيل له: «اذْهَبْ إِلَى بَيْتِكَ» (ع53). وقد أتيحت له كل فرصة ليُظهر جدارته بالرحمة التي منحت له، ومنحه سليمان كل فرصة للعيش في سلام، ولكن كشفت الأحداث التي تلت ذلك أن توبته كانت ظاهرية فقط، وأن تواضعه لم يكن صادقًا. وفيما بعد، عادت كبرياؤه الجريحة وطموحاته التي أُحبطت، عادت لتشتعل في داخله، وأدت في نهاية المطاف إلى موته المهين، فقد «أَرْسَلَ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ بِيَدِ بَنَايَاهُو بْنِ يَهُويَادَاعَ، فَبَطَشَ بِهِ فَمَاتَ» ( 1مل 2: 1 -25).