في نَحَمْيَا 3 نُلاحظ أن بعض الذين بنوا الأبواب وساعدوا في بناء السور، لم يُرَمَِمُوا مقابل بيوتهم؛ كأَلِيَاشِيب الْكَاهِن الْعَظِيم مثلاً (قارن ع1 مع ع20، 21). وأولئك الذين رَمَّمُوا مقابل بيوتهم لم يُذكر أنهم ساعدوا في بناء الأبواب. وهنا نرى نوعين من القديسين؛ النوع الأول هم أولئك القديسون الغيورون المحافظون على الحق وسط الكنيسة، وفي الوقت نفسه يُهملون بيوتهم! فقد يظهر شخص مُدافع عن مطاليب المسيح، مُحافظ على سلطانه وسط الذين يدعون باسم المسيح ويجتمعون تحت رئاسته، بينما هو في الوقت نفسه يترك بيته غير مُدبَّر حسنًا. وأَلِيَاشِيب الْكَاهِنُ مثال لهذا النوع. فإنه كان مهتمًا بما يتطلَّبه الانفصال والقضاء والعدل وسط إسرائيل، وهذا ظاهر من اشتراكه مع إخوته في بناء“بَابَ الضَّأْنِ” وتكريسه، بينما ترك لغيره العناية بأمر مَدْخَل بيته (ع20، 21). فبينما كان يعتني بأمر كروم الآخرين، بقي كرمه بدون عناية، والسبب في ذلك هو أنه كان ذا قرابة مع طُوبِيَّا الْعَمُّونِيُّ، وأحد أحفاده كان صِهْرًا لِسَنْبَلَّط الْحُورُونِيّ ( نح 13: 4 ، 28).
والصنف الثاني هم المؤمنون الذين يعتنون عناية خاصة بأمر بيوتهم وأولادهم، وفي الوقت نفسه يُهملون في كل ما يؤول لخير الكنيسة. ومثل هؤلاء قد أدركوا مركزهم كشهود للمسيح، ولكنهم لم يتعلَّموا أن الكنيسة ينبغي أن تكون منارة عالية في وسط هذا العالم المُظلم، ولم يُدركوا حقيقة وحدة شعب الله، وأن المؤمنين هم “جَسَدُ الْمَسِيحِ، وَأَعْضَاؤُهُ أَفْرَادًا”، والنتيجة أنهم بينما يعترفون بحق أن كلمة الله هي قائدهم في طريقهم الشخصي، نراهم من الجهة الأخرى لا يعترفون بتعليم وسُلطة هذه الكلمة على القديسين كجماعة واحدة. أما الحق الإلهي فيُعلِّمنا أنه بينما نهتَّم بترميم داخل بيوتنا، هكذا تكون فينا الرغبة الحقيقية لبناء السور والأبواب.