مما لا شك فيه، أن تِيخِيكُس كان أمينًا، حكيمًا، كُفءً، وإلا ما كان الرسول بولس أرسله المرة تلو الأخرى ( تي 3: 12 ؛ 2تي4: 12)، وائتمنه على رسالتي أفسس وكولوسي لتسليمهما إلى الكنائس ( أف 6: 21 ، 22؛ كو4: 7، 8). إنه «كَبَرْدِ الثَّلْجِ فِي يَوْمِ الْحَصَاد،ِ الرَّسُولُ الأَمِينُ لِمُرْسِلِيهِ، لأَنَّهُ يَرُدُّ (يُنعش) نَفْسَ سَادَتِهِ» ( أم 25: 13 ). فكما أن الثلج البارد يُنعش الحصادين وهم يقومون بعملهم في أيام الحصاد الحارة، هكذا يفعل الرسول الموثوق به، إذ يُنعش نفس سَادَته. وفي هذا نرى كيف أن مسرة قلب الآب والابن والروح القدس هي في كل رسالة تُقدَّم بأمانة من كلمة الله الصادقة. وأيضًا كم كان الرسول بولس، والأخوة في أفسس وفي كولوسي، في ظروف حرارة الخدمة، وفي ظروف التجارب والاضطهادات، يحتاجون إلى رسالة مُعزية، وإلى أخبار مُشجعة تهدئ وترفع نفوسهم، وإلى رسالة الروح القدس المُحيية والمنشّطة، من شفاه رسول أمين كتِيخِيكُس، لأن «السَّفِيرُ الأَمِينُ شِفَاءٌ» ( أم 13: 17 ).
وفي هذا الصَدد يقول الحكيم: «يَقْطَعُ الرِّجْلَيْنِ، يَشْرَبُ ظُلْمًا، مَنْ يُرْسِلُ كَلاَمًا عَنْ يَدِ جَاهِلٍ» ( أم 26: 6 ). إن إرسال رسالة هامة بيد جاهل، يعتبر جهالة حتى في وسط العالم، فهل يصلح أن يقدم شخص جاهل رسالة الله إلى كنيسة الله؟ إن ائتمان الجاهل على رسالة هامة يُشبه تقطيع الرجْلين، وشرب المُرّ. وكأن الشخص الذي أرسل الرسول الجاهل، بعد أن يحصد مرّ الثمار، وبعد أن يجني النَدَم علقمًا وهوانًا «يَشْرَبُ ظُلْمًا»، بعد كل هذا يُحدِّث هذا الشخص نفسه لائمًا: “أين كانت رجلاي؟ ولماذا لم أذهب بنفسي لتوصيل هذه الرسالة؟ إنني كأني حكمت على رجليَّ بالقطع حين لم أكلف نفسي عناء البحث الدؤوب عن رسول حكيم وأمين وكُفء، ولماذا لم أذهب بنفسي لأداء هذه المهمة؟!”.