الآيات هوشع 7: 8-10 تُنبِّر على حقيقة عدم إحساس شعب الرب بحالتهم الحقيقة، حتى صاروا مثل خُبْزَ مَلَّةٍ (كَعْك) موضوع على جمرات النار، وقد نَسِيَته ربَّة البيت حتى احترق من أحد جانبيه، لأنها لم تقلِبه؛ هكذا الحال معهم، فقد كانوا غير مُباليين بحقيقة أمرهم أمام الله، وإذ لم يستمع مجموع الشعب إلى تحذيرات النبي، فقد مضوا في طريقهم بلا اكتراث، معتقدين أن أمورهم على ما يرام، بينما كانت كلها خطأً في خطأ.
إن هذا الارتداد اللا شعوري الواضح هو الخاصية المُحزنة للكثيرين اليوم، فهم مبتعدون عن الرب، وإن كانوا يعترفون به. وإذ هم راضون عن حالتهم فإنهم صاروا كخُبْز مَلَّةٍ لَمْ يُقْلَبْ، فنظرتهم هذه، التي من زاوية واحدة لحالتهم، هي التي تكشف لصاحب العين الممسوحة أن في الأمر خطأً جذريًا. وكم مِن قديسين ينظرون إلى الحق كمجرد تعليم، بينما يتساهلون في السلوك في ذلك الحق من يوم إلى يوم. إنهم خُبْزُ مَلَّةٍ لَمْ يُقْلَبْ، فاسودَّ أحد جانبيه، بينما الجانب الآخر عجين لم يستوِ. قد يكونون من الناحية التعليمية أصحاء، لكنهم من زاوية الاختبار العملي هم متساهلون، وغير مباليين.
وفي بعض الأحيان ينعكس الوضع، فيبلغ الاهتمام بناحية الاختبار مبلغًا كبيرًا، بينما يكون قليلاً أو منعدمًا من جهة ما يسمونه “التعليم الجاف”. إن التمسك “بِصُورَةِ الْكَلاَمِ الصَّحِيحِ” ( 2تي 1: 13 )، له ذات الأهمية التي للعيشة بالتقوى. والواقع أن التعليم هو الأصل لكل ممارسة، وما نُحصّله من اختبارات قد يكون من النوع المغلوط، إذا كانت هذه الاختبارات غير ناتجة عن معرفة فكر الله، كما هو مُعلَن في كلمته. فلا ننسَ قَط أن الحق والممارسة يسيران معًا، كما أن المركز والحالة لا ينفصلان أحدهما عن الآخر.