إن الإنسان الذي وجد الكنز في هذا المَثَل هو المسيح، فاشترى من أجله الحَقل. وأما الكنز الذي في الحَقل فهو يُمثل المؤمنين الحقيقيين. والمسيح وجدهم في العالم، فاشترى العالم كله لأجل خاطرهم. إن مكتشف الكنز ومشتري العالم هو المسيح.
إذًا فالمشتري هو المسيح، والكنز هم شعبه، والحَقل هو العالم. وليس نحن مَن اشترينا المسيح، أو دفعنا الثمن في الخلاص، بل العكس هو الصحيح، المسيح هو الذي اشترانا، فمَن سواه يقدر أن يشتري العالم؟ ومَن سواه كان أصلاً عنده شيء ليبيعه؟ إن الكتاب المقدس يعلمنا أن الإنسان – روحيًا - ليس فقط مفلسًا، لا يملك شيئًا، بل أيضًا مديونًا للرب، وليس في مقدوره حتى أن يسدد ديونه ( لو 7: 42 ). بالإجمال نقول: لا يَقْدِر الإنسان أن يكتشف الكنز لأنه أعمى روحيًا ( 2كو 4: 4 )، ولا يُقدِّره لأنه جاهل ( 1كو 2: 14 )، ولا يَقْدِر أن يشتري الحقل لأنه مُفلس ومديون.
وأما العبارة «مِنْ فَرَحِهِ مَضَى وَبَاعَ كُلَّ مَا كَانَ لَهَُ»، فصحيح هناك فرح للخاطئ عندما يخلص، ولكن الكتاب يُحدثنا أيضًا عن فرح الراعي الذي وجد خروفه الضال، وفرح المرأة التي وجدت الدرهم المفقود، وفرح الأب عند رجوع الابن الضال ( لو 15: 5 ، 9، 23). ويُكلّمنا أيضًا عن “السُّرُورِ الْمَوْضُوعِ أَمَام المسيح” ( عب 12: 2 )؛ وأيضًا: «فَرَحِ الْعَرِيسِ بِالْعَرُوسِ يَفْرَحُ بِكِ إِلهُكِ» ( إش 62: 5 ).
ولقد باع الرب كل شيء ليشتري هذا الحقل، ويمتلك هذا الكنز. لقد ضحى بنفسه وبذل حياته وذاق الموت لأجل كل واحد (أو “لأجل كل شيء” - بحسب ترجمة داربي - عب2: 9)، أي: لأجل الحقل ولأجل الكنز. والسرور الذي كان موضوعًا أمامه، جعله يحتمل الصليب. وبالطبع كان سرور امتلاك الكنز هو أحد جوانب مسراته، وسيتقاسم قريبًا هذه المسرة مع خدامه الأمناء ( مت 25: 21 ).