طُول الأنَاة تعني حرفيًا “الروح الطويلة”، عكس الروح القصيرة أي سرعة الانفعال والغضب. والأمر المُحَفّز لأولاد الله أن يتحلوا بهذه الصفة، هو أن الله نَفسه طويل الروح مع الخاطئ الرافض التوبة، ومع العالم الشرير الذي يتحداه كل يوم بالمبادئ والقوانين والسياسات والشرور التي تغيظ الله جدًّا، ولولا طُول أناته لكان قد أرسل نارًا وكبريتًا وأحرقت العالم «أَمْ تَسْتَهِينُ بِغِنَى لُطْفِهِ وَإِمْهَالِهِ وَطُولِ أَنَاتِهِ، غَيْرَ عَالِمٍ أَنَّ لُطْفَ اللهِ إِنَّمَا يَقْتَادُكَ إِلَى التَّوْبَةِ؟ وَلكِنَّكَ مِنْ أَجْلِ قَسَاوَتِكَ وَقَلْبِكَ غَيْرِ التَّائِبِ، تَذْخَرُ لِنَفْسِكَ غَضَبًا فِي يَوْمِ الْغَضَبِ وَاسْتِعْلاَنِ دَيْنُونَةِ اللهِ الْعَادِلَةِ، الَّذِي سَيُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ أَعْمَالِهِ» ( رو 2: 4 -6). وفي أيام نُوح ظهرَتْ أناة الله بوضوح أثناء بناء الفلك، إذ تأنَّى الله أكثر من 100 سنة قبل أن يهلك العالم بالطوفان ( 1بط 3: 19 ، 20). والآن يتأنى الله أيضًا على العالم الفاجر «يَتَأنَّى ... وَهوَ لاَ يَشَاءُ أَنْ يَهْلِكَ أُنَاسٌ، بَل أَنْ يُقْبِلَ الجَمِيعُ إلى التَّوْبَةِ» ( 2بط 3: 9 ).
وطُول الأنَاةِ ينبغي أن يُميز حياة أولاد الله. لقد صلّى الرسول بُولُس للمؤمنين في كولوسي «مُتَقَوّينَ بِكُلّ قوّةٍ بِحَسَبِ قُدْرَةِ مَجْدِهِ، لِكُلّ صَبْرٍ وَطُولِ أناةٍ بِفَرَحٍ» ( كو 1: 9 -12). الصَبر هو الاحتمال في مواجهة الضغوط الشديدة التي يسمح بها الرب، أما طول الأناة فهو الاحتمال في التعامل مع الناس عمومًا، ومع حادّي الطِباع خصوصًا. إن ما يجب أن يُميّز سلوكنا كسماويين نعيش على الأرض، ونتعامل مع بعضنا بعض كمؤمنين، هو “طُول الأنَاة” «فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ، أَنَا الأَسِيرَ فِي الرَّبِّ: أَنْ تَسْلُكُوا كَمَا يَحِقُّ لِلدَّعْوَةِ الَّتِي دُعِيتُمْ بِهَا. بِكُلِّ تَوَاضُعٍ، وَوَدَاعَةٍ، وَبِطُولِ أَنَاةٍ، مُحْتَمِلِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فِي الْمَحَبَّةِ» ( أف 4: 1 ، 2).