نعم، إن للعبادة أهمية كبيرة في نظر الله، ولهذا رسم الطريقة التي نعبده بها. فالعبادة بحسب تفكير الإنسان واختراعه، غير مقبولة لدى الله. وهذا ما حدث في أيام القضاة (قض17)، يوم انحرف مِيخَا عن رغبة الله الصريحة في العبادة، وتحوَّل إلى أفكاره الخاصة، فسمح لأُمُّهِ أن تعمل له تمثالاً من فِضَّة وتصوغ منها صنمًا، ولكي يُغطي جُرمه الواضح الفاضح، أقحما اسم الرب في الأمر «فَقَالَتْ أُمُّهُ: تَقْدِيسًا قَدَّسْتُ الْفِضَّةَ لِلرَّبِّ مِنْ يَدِي لابْنِي لِعَمَلِ تِمْثَال مَنْحُوتٍ وَتِمْثَال مَسْبُوكٍ. فَالآنَ أَرُدُّهَا لَكَ» ( قض 17: 3 ). وهذه حجة بعض الطوائف المسيحية التي تفرض عبادتها الغريبة البعيدة عن كلمة الله، ثم تُقدِّم خدمة كسر الخبز حسب فكرها، وكأنها تسخر من إرادة الله المُعلنة في كتابه.
وهذا يُفسر لنا وصف الوحي لأيام سفر القضاة «فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لَمْ يَكُنْ مَلِكٌ فِي إِسْرَائِيلَ. كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ يَعْمَلُ مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْهِ» ( قض 17: 6 ). ويا ليت هذا الاستحسان لا يكون فينا نحن أيضًا، لئلا نستحق هذا التهكم اللاذع المُقدَّس على عبادتنا «كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ يَعْمَلُ مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْهِ».
إذًا هل يهم الله كيف نعبد؟ نعم يهمه جدًا، وهذا يتضح من كلمات الرب «السَّاجِدُونَ الْحَقِيقِيُّونَ يَسْجُدُونَ لِلآبِ بِالرُّوحِ وَالْحَقِّ، لأَنَّ الآبَ طَالِبٌ مِثْلَ هؤُلاَءِ السَّاجِدِينَ لَهُ. اَللهُ رُوحٌ. وَالَّذِينَ يَسْجُدُونَ لَهُ فَبِالرُّوحِ وَالْحَقِّ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدُوا» ( يو 4: 23 ، 24). ولا يوجد أقوى من هذه العبارات. إنها القاعدة التي لا تسمح لنا بالاختيار، بل تأمرنا بالطاعة لما هو مرسوم في كلمة الله. فهل نعبد الله بطريقته أم بطريقتنا نحن؟!