ليس هناك مكان ل“أنا” طالما الأمر مرتبط بخدمة وقيادة شعب الله. ولقد أعطى الرسول بطرس مشورة حكيمة لكل مَن يخدم وسط شعب الرب، عندما حرَّضهم بالقول: «تَسَرْبَلُوا بِالتَّوَاضُعِ، لأَنَّ: اللهَ يُقَاوِمُ الْمُسْتَكْبِرِينَ، وَأَمَّا الْمُتَوَاضِعُونَ فَيُعْطِيهِمْ نِعْمَةً» ( 1بط 5: 5 ). ولو كان أَدُونِيَّا قد أطاع هذا التحذير لتجنب سيناريو الأحزان المرير الذي حدث فيما بعد.
يبدو أن أَدُونِيَّا كان أكبر أبناء داود الأحياء في ذلك الوقت، وكان اثنان من إخوته الأكبر سنًا؛ أمنون وأبشالوم ( 2صم 2: 3 ، 4)، قد قُتلا ( 2صم 13: 28 ، 29؛ 18: 14، 15). ويبدو أن أخيه “كِيلآبَ ابْنَ أَبِيجَايِلَ” ( 2صم 3: 3 )، كان قد مات أيضًا. وكانت العادة في الدول المحيطة تقود أَدُونِيَّا إلى الاعتقاد بأنه – أكبر الأبناء الأحياء – فهو التالي في ترتيب العرش. ومع ذلك فهو كان يعرف جيدًا أنه لم تكن هناك سابقة لذلك في إسرائيل، ولم يكن يجهل حقيقة أن الرب قال لصموئيل عن داود أبيه، الذي كان الأصغر بين أبناء يسى: «قُمِ امْسَحْهُ، لأَنَّ هذَا هُوَ» ( 1صم 16: 12 ).
كما كان أدُونِيَّا يُدرك أنه كانت هناك مناسبات أخرى في الماضي، اختار الله فيها الأصغر سنًا وفضَّله على الأكبر، مثل هابيل ( تك 4: 4 ، 5)، يعقوب ( تك 25: 23 ( تك 37: 5 -8). وإن حقيقة أن أدُونِيَّا لم يدع سليمان - الذي اختاره الله ملكًا - إلى وليمته ( 1مل 1: 10 )، تؤكد أنه لم يكن يتصرف نتيجة جهله. كان يجب أن يتعلَّم أن طرق الله ليست طرق الإنسان، لكنه اتخذ خيارًا متعمدًا لاستبعاد الله من تفكيره. من الضروري أن نتذكر أن الرب، وليس الإنسان، هو الذي يختار ويُبرز القادة الروحيين بين شعبه «اِحْتَرِزُوا اِذًا لأَنْفُسِكُمْ وَلِجَمِيعِ الرَّعِيَّةِ الَّتِي أَقَامَكُمُ الرُّوحُ الْقُدُسُ فِيهَا أَسَاقِفَةً، لِتَرْعَوْا كَنِيسَةَ اللهِ الَّتِي اقْتَنَاهَا بِدَمِهِ» ( أع 20: 28 ).