شكرًا لله لأن هناك مَن يُحبون الرب يسوع، ويحسبُونه مستحقًا قَارُورَة الطِيب، بل يحسبونه أعظم فرح وشرف أن يُنفِقوا ويُنفَقوا مِن أجله؛ نرى مَن ليس غرضهم كثرة العمل والجري هنا وهناك، ولا الفرائض والطقوس الميكانيكية، بل غرضهم المسيح؛ القرب منه والمشغولية به والجلوس عند قدميه، وسكبْ طيب الحب القلبي عليه.
إن هذا هو سر قوة الخدمة والشهادة؛ فقبول المسيح المصلوب هو النبع الوحيد لكل ما هو مرضي عند الله سواء في السلوك الفردي أو في العبادة والاجتماعات، وإن لم تتميز حياتنا الشخصية واجتماعاتنا بالقرب من المسيح والمشغولية به، لا يكون لتاريخنا قيمة في حساب السماء، مهما كانت قيمته في حساب الأرض، لأنه لا يوجد شيء يُكسِب أخلاقنا وسيرتنا قوة أدبية مثل محبتنا للمسيح وتعُّبدنا له، فليس كافيًا أن نكون أبطال الإيمان أو رجال الصلاة أو متعمقين في درس الكلمة، أو نكون مُبشرين مؤثرين أو كتّابًا مقتدرين، بل يجب أن نكون مُحبين للمسيح.
وهكذا في الاجتماع: ما هو السر الحقيقي للقوة؟ أَ هي المواهب؟ أم الفصاحة؟ أم أصوات الموسيقى الجميلة؟ أم النظام والترتيب؟ لا هذا ولا ذاك، إنما السر الحقيقي هو التمتع بالمسيح الحاضر في الوسط، لأنه حيثما يوجد هو فهناك النور والحياة والقوة. وحيثما لا يوجد فهناك الظلام والموت والخراب. اجتماع بدون المسيح هو قبر مهما كان هناك من سِحر البيان وقوة الخطابة وتأثيرات الموسيقى وكمال الترتيب والنظام. وقد يوجد مؤمن مُحب للمسيح في اجتماع استُكمِلت فيه كل هذه الأوصاف، ومع ذلك يصرخ قائلاً: «إِنَّهُمْ أَخَذُوا سَيِّدِي، وَلَسْتُ أَعْلَمُ أَيْنَ وَضَعُوهُ!». وعلى عكس ذلك حيثما يُدرَك حضور المسيح ويُسمَع صوته ويُلمَس وجوده، فهناك القوة والبركة مهما بدا المنظر مُحتقرًا في أعين الناس.