لا يقول المسيح “طُوبَى لِذَلِكَ الْعَبْدِ الَّذِي إِذَا جَاءَ سَيِّدُهُ يَجِدُهُ يَتَكَلَّمُ حَسَنًا”، بل «يَجِدُهُ يَفْعَلُ». فهو يعمل دائمًا لمجدِ سَيِّده وخيرِ قطيعِهِ، حتى إذا جاء سَيِّده في أي وقت «يَجِدُهُ يَفْعَلُ». وهي حكمة عظيمة جديرة منا بالانتباه، أنه إذا أردنا أن نوجد أمناء عندما يأتي الرب، يجب أن نكون أمناء كلَّ يوم، وكلَّ اليوم.
تحدث “ألكسندر ماكلارن” عن قاضي كان يفحص قضية في المحكمة، وإذا بالظلام يعم القاعة فجأة، وظن الناس - بحسب المعرفة التي كانت لديهم في ذلك الوقت - أنها النهاية، وفزعوا وصرخوا، ولكن القاضي طلب ضوءًا ليستكمل المهمة، وقال لو كانت هذه هي النهاية فليس أفضل من أنها تأتي ونحن نؤدي عملنا، والمهمة التي أُوكلت إلينا. وهذا يتفق مع الفكر الكتابي. فالرسول بولس في رسالتيه إلى تسالونيكي، قبل حديثه عن مجيء الرب، وبعد حديثه عن يوم الرب، تحدث للمؤمنين عن ضرورة ممارسة أعمالهم الزمنية بهدوء ( 1تس 4: 11 ، 16؛ 2تس2: 2-12؛ 3: 10-12). وإن كان هذا بالنسبة للعمل الزمني، فكم بالأحرى خدمة المسيح. وما أسعد الخادم الأمين عندما يأتي المسيح! فمجيء المسيح سيُنهي العمل والتعب، وليس ذلك فقط بل سيُقيمه سَيِّده على جميع أمواله. وما أعظمها من نتائج أبدية! وعلينا أن ندرك أن هذا الخادم لم يكن يخدم لأجل أجرة يأخذها من إنسان، ولا كان طامعًا في ربح قبيح، لكنه سيُعَوَّض بوفرة من ذاك الذي هو ليس بظالم حتى ينسى عمله وتعب محبته التي أظهرها نحو اسمه، إذ خدم القديسين ( عب 6: 10 ). وهو عين ما ذكره الرسول بطرس عن الأساقفة بين جماعة الرب، حيث ختم حديثه معهم بالقول: «وَمَتَى ظَهَرَ رَئِيسُ الرُّعَاةِ تَنَالُونَ إِكْلِيلَ الْمَجْدِ الَّذِي لاَ يَبْلَى» ( 1بط 5: 4 ).