كان أَلِيآب هو البكر ليَسَّى، ولكن مـتى كان الله يختار البكر بحسب الجسد؟ إن الشـخص الذي كان له - بسبب مولده - الأحقية أنه البكر، نراه في كل الكتاب المقدس مطروحًا ومرفوضًا، وذلك لكي يتعلَّم الجميع أن البـركة هي بالنعمة المطلقة، وليست لاستحقاق في الإنسان. فلم يتبارك قاييـن بل هابيل، لا إسماعيل بل إسـحاق، لا عيسو بل يعقوب، لا رأوبيـن بل يوسف، لا منسى بل أفرايم، لا هارون بل موسى. وهنا لا أليآب بل داود.
كثيـرًا ما نهتم بنظرة الناس، ونشعر بالرضى إذا امتدحونا. لكن الرب ينظر إلى القلب، وهذا هو التقييم الصـحيح. ليس ما يمدحه الناس هو المُزكَّى عند الله. ولكننا هنا بالأسف نرى صموئيل رجل الله يحكم كإنسان بمقاييس البشر، ويصبح تقييمه على ذات الصفات الخارجية الـتي كان يمتلكها شاول، ولم يستفد من التجربة الأليمة السابقة. ولكن يا لنعمة الله وصبره! إذ يُعلِّم خادمه ويُصـحح مفاهيمه. كان الرب يعرف كبرياء أليآب وعجرفته وقلبه الفاسد ( 1صم 17: 28 )، والرب لا يضع ثقته في محاسن الجسد، ولا يُسرُّ بساقي الرجل (قوته)، بل يُسر بالراجين رحمته ( مز 147: 10 ).
وهكذا عبَّـر يَسَّى كل ما أخرجته الطبيعة من جمال وهيئة حسنة تُعجب الجسد، ولكن بدون فائدة. ولا عجب لأن الطبيعة لا تستطيع أن تُخرج شيئًا صالحًا لله أو لشعبه. والآن نرى صموئيل وقد صار له فكر الله، يحكم الحُكم الصـحيح دون تردد قائلاً: «الرَّبُّ لَمْ يَخْتَرْ هؤُلاَءِ». «الرُّوحِيُّ يَحْكُمُ (يُميِّـز) فِي كُلِّ شَيْءٍ» ( 1كو 2: 15 ). ولا شك أن يَسَّى صُدم إذ سمع هذا التقرير. لكن الرب العارف القلوب والعارف المستقبل وإله أرواح جميع البشر هو الذي يختار ( عد 27: 16 )، ويضمن مَن يختاره مدى الحياة. وهو له رؤية مختلفة ورأيٌ مختلفٌ عن الناس.