في الآية الأولى من “سفر الأعمال” يصف لوقا إنجيله بأنه “إنشاء” (بحث علمي) «عَنْ جَمِيعِ مَا ابْتَدَأَ يَسُوعُ يَفْعَلُهُ وَيُعَلِّمُ بِهِ». وكلمة «ابْتَدَأَ» جديرة بالملاحظة، فهي تُشير إلى أن «مَا ابْتَدَأَ يَسُوعُ يَفْعَلُهُ وَيُعَلِّمُ بِهِ» لم ينقطع بارتفاع يسوع إلى ما هو أبعد من مدى رؤية الناس. فسفر “أعمال الرسل” يقدِّم لنا ما استمر «يَسُوعُ يَفْعَلُهُ»، بسكب الروح القدس من عند الآب، لكي يعمل بواسطته في الرُّسُل والآخرين. وفي الوقت نفسه نكتشف بقراءة الرسائل ما استمر «يَسُوعُ يُعَلِّمُ بِهِ» عن طريق الرُّسُل في الوقت المعيَّن. وقبل ارتفاعه «أَوْصَى (أعطى توجيهات) بِالرُّوحِ الْقُدُسِ الرُّسُلَ الَّذِينَ اخْتَارَهُمْ» (ع2)، مع أن الروح القدس لم يكن قد أُعْطِيَ لهم بعد. في إنجيله، قدَّم لنا لوقا الرب كالإنسان الكامل، الذي يعمل دائمًا بقوة الروح القدس، وفي الضوء نفسه نراه في سفر الأعمال.
وفي مدة الأربعين يومًا «أَرَاهُمْ ... نَفْسَهُ حَيًّا»؛ أي انتصاره على الموت. وهكذا «بِبَرَاهِينَ كَثِيرَةٍ» أثبت قيامته (ع3). وأثناء هذه الظهورات لتلاميذه، تكلَّم معهم «عَنِ الأُمُورِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ الله»، و«أَوْصَاهُمْ أَنْ لاَ يَبْرَحُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ، بَلْ يَنْتَظِرُوا مَوْعِدَ الآبِ (حلول الروح القدس عليهم)» (ع4). فيوحنا، الذي عمَّد بالماء، قد أشار إليه باعتباره الذي يُعمِّد بالروح القدس ( يو 1: 33 )، وأكد لهم الرب يسوع أنهم سينالون هذه المعمودية «لَيْسَ بَعْدَ هذِهِ الأَيَّامِ بِكَثِيرٍ» (ع5).
لقد تكلَّم الرب معهم «عَنِ الأُمُورِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ الله»، أما هم فكانت أفكارهم لا تزال مشغولة بِرَدّ المُلك إلى إسرائيل (ع6). وقد شابهوا في هذا التلميذين اللذين كانا متجهين إلى عِمْوَاس ( لو 24: 13 -35)، ولو أنهم الآن كانوا قد عرفوا أنه قد قام.