في هذه الآية العظيمة نجد أول إشارة للمحبة في سفر النشيد. ولأن العروس تشعر بدفء محبة العريس، فإنها تتمنى أن تحظى بِقُبْلاَتِ فَمِهِ. وهناك فارق بين قُبْلاَتنا نحن له، وقُبْلاَته هو لنا: قُبْلاَتنا نحن له هي علامة السجود والتقدير والاحترام والولاء؛ هي حتمية لنا إن أردنا الحياة «قَبِّلُوا الابْنَ لِئَلاَّ يَغْضَبَ فَتَبِيدُوا مِنَ الطَّرِيقِ» ( مز 2: 12 ). هذه هي قُبْلاَتنا له، وأما ِقُبْلاَتهِ هو لنا، فإنها تعني المحبة، ولا شيء سوى المحبة. وعندما تطلب العروس «قُبْلاَتِ فَمِهِ»، فإنها لا تريد أن تكتفي بالمعرفة، بل إنها ترغب في التمتع بهذه المحبة، فالقُبلَة كما نعلم هي علامة أقوى المشاعر! وكم هو جميل أن نعيش متمتعين بحبه!
وهناك أكثر من سبب لكون حب المسيح أطيب من الخمر:
أولاً: لأن محبة الرب، بخلاف الخمر، يمكن الاستمتاع بها بدون خوف. فبالنسبة للخمر، هناك مخاطر من شربها، مخاطر اقتصادية ومخاطر صحية ومخاطر أدبية، كيف لا، والإفراط فيه يجلب الهوان والعبودية؟ وأما حُب المسيح فهو على العكس، بقدر ما تتمتع به، تنعم بالسعادة الصافية التي لا تشوبها أية شائبة، والفرح العميق الذي لا تعقبه ندامة «تُحِبُّونَهُ ... فَتَبْتَهِجُونَ بِفَرَحٍ لاَ يُنْطَقُ بِهِ وَمَجِيدٍ» ( 1بط 1: 8 ).
ثانيًا: إن سعادة الخمر عابرة ولذتها وقتية، ثم تترك الإنسان في أسوأ حال مما كان، وأما الرب يسوع فهو لا يعطي فرحًا وهميًا ولا سعادة تافهة زائلة، بل إن فرحه مستمر وسعادته دائمة. قال المسيح لتلاميذه: «اُثْبُتُوا فِي مَحَبَّتِي ... لِكَيْ يَثْبُتَ فَرَحِي فِيكُمْ وَيُكْمَلَ فَرَحُكُمْ» ( يو 15: 9 -11).