الرجوع إلى الله، يتضمن أن نقضي حياتنا في عبادته. ويا له من امتياز عظيم! ... في مساء يوم أحد، لاحظ أحد العاملين المُخلصين في أحد الأحياء العشوائية الفقيرة؛ علامات أكيدة عن التوبة، ظاهرة على واحدة من أسوأ المُقيمات في أحد البيوت المُخصصة للمشرَّدات. فابتهج لذلك جدًا، وإن كان لم يَزَل غير مطمئن. ولكن، ماذا يكون شعوره إذا جاءت هذه البائسة صباح يوم الاثنين إلى بابه، وأعلنت بدموع غزيرة عن شكرها على البركات التي نالتها، ورغبتها أن تعبِّر عن شكرها بالدخول في خدمته، تطهي له الطعام، وتنظف له البيت؟ إن ذلك الشخص يرى في المرأة التي أمامه علامات المرض والقذارة والهوان، ولغاية الأمس كان يرى السُكر. تُرى ماذا يقول لها الآن؟ وماذا تقول أنت لو كنت في مكانه؟
نحن لم نبالغ في رسم صورة. فالحالة التي كنا عليها أدبيًا وروحيًا تطابق هذه الحالة التي نفترضها، ولكننا أُدخلنا إلى عبادة وخدمة الله مثلث الأقانيم كمفديين ومولودين ثانية. فيا له من تغيير أدبي عظيم، ذلك الذي أحدثه الإنجيل! ويا له من إنعام عظيم نُدركه عندما نتذكَّر أنه، وإن كان الجسد لا يزال فينا، يعرِّضنا للوقوع في الخطية، فإننا قد نُقلنا إلى عبادة الله السامية المقدسة. ولقد صار لنا أن نخدم مشيئته وقصده وتدبيره الموضوع قبل تأسيس العالم. وإذا أدركنا هذا، لن يكون لدينا أية رغبة أن نتهرّب من عمله، بل سنُسرع إليه بكل فرح.
وبينما نحن نعبد ونخدم، نحن ننتظر «ابْنَهُ مِنَ السَّمَاءِ». فنحن خلُصنا على رجاء كمال البركة التي سندخلها عن قريب. نحن لا ننتظر الموت، ولو أنه ينقلنا لنكون مع المسيح، بل ننتظر مجيئه لأجلنا. نحن ننتظر ابن الله من السماء.