ما أسرع هذا التغير! في لحظة واحدة يتغير المنظر. بينما كان هذا الغني يلبس الأرجوان والبز، ويتنعم كل يوم مترفهًا، إذا بالموت يدخل فجأة. وماذا بعد ذلك؟ في لحظة يتغير كل المشهد؛ من التنعمات الملكية إلى أعماق البؤس في الهاوية، حيث يحتاج إلى نقطة الماء الواحدة، فلا يمكن أن تُشترى ولو بالعالمين بأسرها.
«مَاتَ الْغَنِيُّ أَيْضًا وَدُفِنَ» ... ربما كان مشهد دفنه عظيمًا كما كان في حياته عظيمًا، ولكن مع هذا «رَفَعَ عَيْنَيْهِ فِي الجَحِيمِ وَهُوَ فِي الْعَذَابِ». قبل أن تنتهي حفلة دفنه الفاخرة، انفتحت عيناه إلى حالته المُريعة. ما كان أعظم وقع هذا التغير على نفسه؟ لكن وا أسفاه فقد كان هو التغير الأخير. لقد تقرر مصيره إلى الأبد، وعلى هذا المصير المُخيف انفتحت عيناه. لقد أغمض عينيه عن الحق وهو على قيد الحياة ولكنه الآن لا يستطيع أن يغلقهما - ولو لحظة واحدة - إلى الأبد.
وما أعظم التغير الذي طرأ على لعازر المسكين، وما كان أسرعه! عند باب الغني كان مطروحًا مضروبًا بالقروح. ما أعظم التباين بين الشخصين! أحدهما كان يتنعم كل يوم مترفهًا، لابسًا الأرجوان والبز، ولكن بكل أسف كان بلا إله وعاش لنفسه. أما الآخر فكان المُستعطي المسكين الغارق في الفقر والآلام والوحدة، ولكن هذا المسكين كان مؤمنًا بالله عائشًا له. وفجأة مات هذا الفقير، ولا يُقال شيء عن جنازته، لأنها ربما كانت قريبة من العدم، ولكن هذا المسكين «حَمَلَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ إِلَى حِضْنِ إِبْرَاهِيمَ». وماذا نقرأ بعد ذلك؟ نقرأ أن الغني رآه. ما أرهب هذه الرؤيا! هل سيتمكن الهالكون من رؤية المُخلَّصين؟ نعم «رَفَعَ عَيْنَيْهِ فِي الجَحِيمِ وَهُوَ فِي الْعَذَابِ، وَرَأَى إِبْرَاهِيمَ مِنْ بَعِيدٍ وَلِعَازَرَ فِي حِضْنِهِ».
أيها القارئ العزيز: أين سيكون مكانك؟ أين ستكون في أبديتك؟