أقودُكَ ... أدخُل بِك ... فأسقيكَ. أَيقودُ أم يُقادُ؟ أَيُدخِلُ أم يُدخَلُ؟ أيسقي أم يُسقَى؟ أليس للقائِدِ الوحيد، أعلنتِ العروسُ إفلاسَها من معرفةِ الطريقِ، فاستنجَدَت: «أَيْنَ تَرْعَى، أَيْنَ تُرْبِضُ؟»، فالتمست مع زمرةِ السائلين: “امسك يدي وقُدنِى كما تشاءِ”؟ لقد قادَها.
أليس للمضيِّفِ الوحيد، أعلنتِ العروسُ امتنانَها، عن سبيِها بما في قلبِ العريس، وبالإعلانِ عن العميق العميق، فهتفت مع زمرةِ الفاهمين: «أَدْخَلَنِي الْمَلِكُ إِلَى حِجَالِهِ»؟ بل أليس له كالمضيِّفِ أيضًا أعلنت عميقِ سبيِها، بذلِكَ الحبِّ الشديد، بل وبصنوفِ الأفراحِ والبريقِ، فهتفت مع زمرةِ المُسكَرين: «أَدْخَلَنِي إِلَى بَيْتِ الْخَمْرِ»؟ لقد أدخَلَها.
وأليس للمُروي الوحيد، مَن يرعى القطيعَ بحُبٍ شديدٍ، الأمينُ على سواقي اللهِ الملآنةِ بالماءِ، يهتِفُ الأتقياءُ بالأحرى من بني البشرِ بالنشيد: «يَرْوَوْنَ مِنْ دَسَمِ بَيْتِكَ، وَمِنْ نَهْرِ نِعَمِكَ تَسْقِيهِمْ» ( مز 8: 36 )؟ إنه يقودُنا ويُدخِلَنا ويُسقينا.
لكن من العَجَبِ أن نقرأ طموحًا كهذهِ للعروسِ، كما لأفرادِنا طموحًا قد سما، يَظهَرُ في طريقٍ تعلَّمناه منهُ ولأقدامِنا قد هدى، وبيتٍ أقامنا فيهِ، أي في إقامةِ النعمةِ ولفؤادِنا قد حلا، وكأسٍ ملأها لنا بفَرَحٍ لا يُنطَقُ بِهِ، وقد غدا ريَّا وها هو قد امتلا.
والطموحُ المُقَدَّسُ يا عزيزي الذي للعروسِ كما لنا، أن نُهْدِيهِ ما قد سَبَقَ وأهداهُ لنا، فتقودُه إلى حيثُ قادَنا، ونُدخِلُهُ إلى حيثُ أدخَلَنا، ونسقيه مما أسقانا.
وهل لأبٍ فرحةٌ أعلى من هذهِ، أنْ يقُصَّ ابنُهُ عليه، ما قد سَبَق وحكاه له؟ وأنْ يشرَحَ له طريقًا، لا لجهلِ أبيه به، حاشا، بل ليتيقَّنَ الأبُ أنْ الدرسَ قد حُفِرَ في وجدانِ ابنهِ؟ وأن يُدخِلَهُ إلى بيتٍ سبق الأبُ فأعدَّه لفَلذِةِ كَبدِهِ؟ وأن يسقيَه من كأسٍ، علَّمَهُ أبوه يومًا، كيفيةَ ملئِها؟ هلُمَّ لنقودَهُ وندخُلَ به، ونسقيَهُ كي: «مِنْ تَعَبِ نَفْسِهِ يَرَى وَيَشْبَعُ» ( إش 11: 53 ).