يا لها من نعمة عجيبة قد جعلت المسيح، ابن الله، كفارة لخطايانا. إن العدل الإلهي قد استوفى حقه كاملاً، فلم يَعُد بعد ما يمنع دخول الخاطئ التائب إلى حضرة الله القدوس وقبوله أمامه إلى الأبد. وشكرًا لله لأن هذا هو عين ما تحتاج إليه النفس.
أيها البعيد عن الله، مهما كانت حالتك رديئة، فإنه توجد نعمة كافية لغفران خطاياك، ما تذكره وما لا تذكره منها، ذلك إن كنت تأتي بقلبك إلى ينبوع الغفران الذي اشتراه ذلك الفادي الحبيب الذي هو كفارة لخطايانا. فاقبل نداءه، نداء المحبة الخالصة، إذ يقول: «تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ» ( مت 11: 28 ). إن دم المسيح الثمين قد سُفك من أجل كثيرين جدًا، لا يستطيع أحد أن يعدهم ( رؤ 5: 9 ). لهذا فإنك إن حُرمت من الاستفادة منه، فلا يكون المسؤول عن ذلك غيرك أنت.
ثم استمع أيضًا إلى تلك العبارة المُرعبة التي يوجهها المخلّص إلى مَنْ يرفضونه ويحتقرون نداءه ويزدرون بنعمته «أَمَّا أَعْدَائِي، أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ، فَأْتُوا بِهِمْ إِلَى هُنَا وَاذْبَحُوهُمْ قُدَّامِي» ( لو 19: 27 ).
أيها الخاطئ، إن هذا الحكم المُرعب ينتظرك، ينتظرك أنت إذا رفضت النعمة التي يقدمها لك الآن مجانًا مَنْ يستطيع أن يخلِّص وأن يُهلك. ولكنه لا يشاء أن يَهلك أحد؛ لذلك إذا هلكت، فسيكون الذنب ذنبك والمسؤولية في ذلك تقع عليك وحدك، وخلال أجيال الأبدية التي لا تنتهي، لا بد وأن تتحسر بشدة وتنوح بحُرقة ذاكرًا أنك كنت تستطيع أن تخلص ولكنك هلكت، إذ رفضت الخلاص واحتقرت الكلام عنه.