لم يكن لشعب إسرائيل السحابة فقط كوسيلة لإرشادهم، بل حظوا أيضًا بسماع أصوات الأبواق، فكان كلاهما؛ أي السحابة والبوقان، يُمثلان أشكالًا مُحددة من الإرشاد. كانت الأبواق الفضية وسيلة مسموعة لإيصال كلمة الله إلى الشعب. فإن كانت السحابة هي صورة لإرشاد روح الله، فإن الأبواق تتحدث عن سلطان كلمة الله على حياة شعب الرب.
هناك توازن جميل ومهم للغاية بين عمود السحاب والأبواق الفضية. كانت حاجة الشعب إلى إرشاد كلًا من السحابة والأبواق. إن تجاهل أحدهما والاهتمام بالآخر، كان سيضر بحياتهم. لم يكن من الصواب لو أن أحد الإسرائيليين، مثلًا، كان مُدركًا أن لديه في إرشاد السحابة ما يكفيه، وأنه يمكنه تجاهل صوت الأبواق؛ فشعب الله في البرية احتاج لكليهما. ولأن السحابة تمثل الروح القدس، والأبواق الفضية تُصوِّر كلمة الله، فلدينا هنا رسالة في توقيت مناسب جدًا وهي أن الاهتمام المزعوم بالروح دون الاعتماد على إرشاد الكلمة يمكن أن يشكل خطرًا كبيرًا، بينما يمكن أن تكون الكلمة بدون الروح ظلامًا!
إنه لأمر سهل أن يدعي المرء كذبًا بأنه ينقاد بالروح، لكن الاعتبار الحقيقي يجب أن يكون منصبًا على ما إذا كان هناك دعم أم لا من كلمة الله لما يقوله المرء أو يفعله. قد يتجاسر المؤمن مُدعيًا بأنه ينقاد بالروح القدس لفعل هذا أو ذاك، ولكن إذا كانت كلمة الله تدين ما يدعيه أو يفعله، فبغض النظر عن مدى طنين ادعاءاته الرنانة، فهو قطعًا شخص غير مُنقاد بالروح. والسبب بسيط وهو أن الروح القدس لن يقود المؤمن أبدًا ضد كلمة الله. فالروح بالأحرى يغرس في القلب تبجيلًا واحترامًا حقيقيًا للكتاب المقدس، وتتمثل خدمة الروح في أن يخلق - في كل أولاد الله - حياة تنسجم تمام الانسجام مع كلمة الله.