الطريق الجانبي دائمًا أوعر من الطريق الرئيسي. يكون المسافر سائقًا عربته بسرعة حسنة في الطريق الرئيسي المتسع، وإذا به يُفاجأ بلوحة أمامه عليها سهم مُزعج يشير إلى أن الكوبري قد سقط أو أن الطريق به إصلاحات، فيضطر إلى الانحراف في طريق زراعي ضيق ومُترب وغير ممهّد، يسير فيه عدة أميال حتى يتملكه الضيق والضجر، فيستقر في ذهنه بعد هذا الاختبار المُضني أن الطرق الجانبية هي من أشد المُزعجات للإنسان. ولكننا مع الأسف كثيرًا ما نجنح إلى مثل هذه الطرق في اختبارنا الروحي لأننا مُعرضون للتيه والضلال رغم الصوت العالي الذي ينبعث من التاريخ المقدس؛ صوت التحذير الصادر من الاختبارات المُرّة التي عاناها مَنْ انحرفوا عن الرب إلى طرق مُعْوَجَّة.
سلوا إبراهيم خليل الله الذي انحدر إلى مصر في وقت الجوع، يُخبركم عما عاناه من حَرَج، وما سقط فيه من كذب إلى أن طُرد من البلاد. يا لها من نقطة سوداء في شهادة أبي المؤمنين! على أننا كثيرًا ما نتصرف مثله عندما نلجأ إلى العالم في وقت الامتحان لنستعين به ونستمد من موارده.
واسألوا لوطًا الذي رأى خصب مدن الدائرة، فنقل خيامه مقابل سدوم، ماذا انتفع من جلوسه في باب المدينة ومن ارتفاع مركزه في العالم؟ لقد خسر تأثيره على أفراد عائلته، وخسر كل شيء هاربًا من المدينة المقضي عليها، ومضى بعار. لقد كلَّفه انحرافه كُلفة باهظة!
حقًا إن الطريق الجانبي أوعر من الطريق الرئيسي. والمسافر يتخذ الطريق الجانبي مُضطراً، أما المسيحي فيتخذه بإرادته، ولكن شكرًا لله لأن الراعي الصالح يرد نفوسنا ويهدينا إلى سُبل البر من أجل اسمه.