الشركة الحقيقية مع العريس، لا بد تكون بفطنة روحية وتمييز وبصيرة، وإلا لصارت مجرد حماس طبيعي. وهذا ما فعلته العروس: (1) ففي بداية السفر تطلب قبلات فمه، فهي تتوق لشركة أعمق وعواطف أدفأ. وأما في نهاية السفر، فنراها، بعد أن تمتعت بعواطفه، تريد أن تغمره هي بقبلاتها. شهادة له أمام الجميع، معلنة أنه حبيبها وأنها حبيبته. (2) كما نراها، بعد أن تمتعت بحضنه، مرة ومرتين، تغنت بمحبته، في نهاية السفر، بصورة أرقى بما لا يقاس، عما قالته في البداية. ففي بداية السفر، تذكر حبه، وتصفه بأنه أجود من الخمر. أما في ص8، فتنشد قصيدة محبة، ما أروعها: "مِيَاهٌ كَثِيرَةٌ لاَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْفِئَ الْمَحَبَّةَ، وَالسُّيُولُ لاَ تَغْمُرُهَا. إِنْ أَعْطَى الإِنْسَانُ كُلَّ ثَرْوَةِ بَيْتِهِ بَدَلَ الْمَحَبَّةِ، تُحْتَقَرُ احْتِقَارًا" (8: 7)، ما أجمله تمييزًا! وما أعمقها فطنة! (3) وإذ صار لها ثديان كبرجين، في كمال البلوغ، أدركت، أنها في عيني حبيبها واجدة سلامة؛ نعمة وحظوة، ومدحًا (8: 10). (4) وختامًا ما أجمل تمييزها لمجيء عريسها على جبال الأطياب ( نش 8: 14 ) أو قل: جبال الأمجاد؛ عند استعلان (ظهور) الرب يسوع المسيح للعالم أجمع.
هذا ما اتبعته راعوث، يوم ميزت (1) نعمة بوعز، إذ طَيَّبَ خاطرها، في حقله، وأجلسها على مائدته، وناولها بيده، وأوصى غلمانه بها. فوثقت به، وأمكنها ببصيرتها أن تصدق أن جبار بأس بيت لحم، يمكنه تبني قضية واحدة مسكينة، ملتقطة لحصاد حقله. وأنها بإمكانها الاقتراب الشديد منه. ليجعلها له زوجة، وشريكة ثروته، وكرامته، وبانية بيته وسط إسرائيل. فنزلت إلى البيدر بفطنة وطاعة لنعمي، وفعلت كما أمرتها به حماتها. (2) وإذ نزلت إلى البيدر، لتطلب شخصه، ميزت ما فعلت، بكل فطنة (را3). فهجرت مكانها في الحقل كأقل من جواريه؛ وراء الحصادين (را2). فإن كانت تطلب يده، فكيف تظل شحاذة؟ فما نزلت ثانية للحقل. وما أبرك ما فعلت!