«قَبْلَ أَنْ أُذَلَّلَ أَنَا ضَلَلْتُ، أَمَّا الآنَ فَحَفِظْتُ قَوْلَكَ» ... هذا العدد يُخبرنا فيه المرنم أنه عندما سارت أحواله حسنًا، وعلى ما يرام، وعندما صار في نجاح لا يعكر صفوه أية متاعب، حينئذ ضلَّ، أي نسي الرب ووصاياه وأحكامه. وما أكثر ما نشبه المرنم في ذلك. إنه خطر يتهددنا جميعًا. فعندما تسير أحوالنا حسنًا، فإننا نظن، ربما لا شعوريًا، أننا نستطيع أن نمضي في طريقنا بدون الرب. ولكن ليس الأمر كذلك عندما نكون في تجربة ما؛ إذ أننا وقتها نُلقي بأنفسنا على الرب، أما في أوقات الراحة والهدوء، فإن أوقات صلاتنا تتقلَّص، كما أن أوقات قراءة الكتاب المقدس والتأمل فيه قد تقل. بيد أن الرب يحبنا جدًا حتى أنه لا يدعنا نمضي في طرقنا الخاصة. فماذا يفعل؟ إنه يسمح بحدوث بعض الإحباطات والتجارب والضيقات الشديدة (كما حدث مع يونان)، لكي نعود إلى طريق الرب.
وفي العدد الذي في رأس الكلام، يقول المرنم إنه الآن ـــــ بعد أن نزلت عليه يد الرب المُؤدِّبة ـــــ فإنه يحفظ كلمة الله. وفي الآية 68 يعترف بأن الضيقة كانت من صلاح الله «صَالِحٌ أَنْتَ وَمُحْسِنٌ»، أو ـــــ بترجمة أخرى ـــــ “صَالِحٌ أَنْتَ وتعمل الصلاح”. وليس هذا كل ما في الأمر، بل إنه في الآية 71 يقول: «خَيْرٌ لِي أَنِّي تَذَلَّلْتُ لِكَيْ أَتَعَلَّمَ فَرَائِضَكَ». لقد كان الله صالحًا إذ سمح بالضيق، فقد أنتج هذا خيرًا لنفسه. لقد علَّمته الضيقة أن يكون أكثر تقديرًا لكلمة الله.
لقد تعلَّم المُرنم الدرس، وصار تقديره لكلمة الله عظيماً حتى أنه يقول في الآية 72 «شَرِيعَةُ فَمِكَ خَيْرٌ لِي مِنْ أُلُوفِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ».
يا ليتنا نتنبه إلى ما يريد الرب أن يُعلمه لنا من خلال الصعوبات التي يسمح لها أن تقابلنا في الطريق.