الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 31 يناير 2021 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الصرخة الرهيبة
«إِلَهِي، إِلَهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟» ( متى 27: 46 )
إنها صرخة المعاناة الرهيبة التي لم يختبرها إنسان قبله، ولن يختبرها إنسان بعد. والعجيب أن الذي يصرخ تلك الصرخة الرهيبة هو الذي شهد له الآب: «هَذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ» ( مت 3: 17 ). وهو الذي حل عليه الروح القدس، وكان دائمًا ممتلئًا من الروح، ومُنقادًا بالروح. وهو الذي كان متمتعًا طوال حياته بابتسامة رضا الآب عليه، وعبر عنها قائلاً: «طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي وَأُتَمِّمَ عَمَلَهُ» ( يو 4: 34 )، وأيضًا «وَالَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي، وَلَمْ يَتْرُكْنِي الآبُ وَحْدِي، لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ» ( يو 8: 29 ). وقبيل الصليب مباشرة قال لتلاميذه: «هُوَذَا تَأْتِي سَاعَةٌ، وَقَدْ أَتَتِ الآنَ، تَتَفَرَّقُونَ فِيهَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى خَاصَّتِهِ، وَتَتْرُكُونَنِي وَحْدِي. وَأَنَا لَسْتُ وَحْدِي لأَنَّ الآبَ مَعِي» ( يو 16: 32 ).

هذا القدوس الفريد نسمعه يصرخ هذه الصرخة المُرّة: «إِلَهِي، إِلَهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟». ولماذا؟ لأنه كان يُكفِّر عن خطايانا «الَّذِي حَمَلَ هُوَ نَفْسُهُ خَطَايَانَا فِي جَسَدِهِ عَلَى الْخَشَبَةِ» ( 1بط 2: 24 ). لقد وقف أمام الله بديلاً عن كل مؤمن، ومثَّله في كل شروره ونجاساته، وقال لله – بلغة الرسول بولس لفليمون - «إِنْ كَانَ قَدْ ظَلَمَكَ بِشَيْءٍ، أَوْ لَكَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَاحْسِبْ ذَلِكَ عَلَيَّ ... أَنَا أُوفِي» (فل18).

ومَن كان يتصوَّر أن البار الوحيد تُوضع عليه آثام وذنوب لا حد لها، حتى إنه قال بلسان النبوة: «لأَنَّ شُرُورًا لاَ تُحْصَى قَدِ اكْتَنَفَتْنِي. حَاقَتْ بِي آثَامِي وَلاَ أَسْتَطِيعُ أَنْ أُبْصِرَ. كَثُرَتْ أَكْثَرَ مِنْ شَعْرِ رَأْسِي وَقَلْبِي قَدْ تَرَكَنِي» ( مز 40: 12 ). ولقد تعامل معه الله القدوس والبار، وأوقع عليه دينونة خطايانا، وحجب وجهه عنه في ثلاث ساعات الظلمة الرهيبة، التي نحو نهايتها جاءت هذه الصرخة الرهيبة.

بِالْعَارِ تَرْضَى طَوْعًا وَأَلَمِ الصَّلِيبْ دِمَاكَ تَجْرِي طُهْرًا لِلصَّفْحِ يَا حَبِيبْ
صَرْخَتُكَ الْمَرِيرَه تُمَزِّقُ الْقُلُوبْ مِنْ أَجْلِي قَدْ تُرِكْتَ يَا سَيِّدِي الْمَحْبُوبْ

فريد زكي
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net