عندما نتطلَّع إلى ما يجري في العالم حولنا، وعندما نرى العدو وكيف يبدو منتصرًا في كل مكان، فإننا نميل في بعض الأحيان إلى اليأس من جراء هذه المشاهدات، وننسـى أن الله قد قال: «نحنُ نعلَمُ أَنَّ كلَّ الأَشياءِ تعمَلُ معًا للخيرِ للذينَ يُحِبونَ اللهَ، الذينَ هُم مدعوُّونَ حسَبَ قَصدِهِ» ( رو 8: 28 ). إنه يجب علينا دائمًا أن نتأكد أنه مهما يحدث في العالم، فإن برنامج الله يسير بحسب ميعاده للوقوف لا مبكرًا ولا متأخرًا. وعندما نرى أعمال الناس الشـريرة وكأنها سادَت وسيطرت، فلنعلم أن الرب يستخدم كل شيء ليؤول لمجد اسمه.
ظل الشعب قديمًا في مصـر يصـرخ إلى الله سنين عديدة، وبَدا الأمر كما لو أن الله قد تركهم، فالمُسّخرون زادوا أعباءهم، وثقَّل نير الشعب يومًا فيومًا، وصرخ الشعب إلى الله نهارًا وليلاً، وبَدا كأن الله لم يسمع، ولكننا نعرف أنه لو كانت حياة الشعب ليِّنة ومُبهجة في مصـر، لأرادوا أن يظلوا هناك. ولكن يد الرب كانت في الأمر، وقد سمح بتلك الظروف المُضنية لكي يشعر الشعب بأنه لم يَعُد لهم حول ولا قوة، وليس لهم طريق سوى اللجوء إلى الله. إن الله دائمًا هو سيد الموقف، وهو يعرف كيف يجعل غضب الإنسان يحمده ( مز 76: 10 ). وعلينا أن نتأكد أنه مهما يحدث لأبسط فرد من خاصته، فإنما هو طبقًا لإرادته التي تُسيِّر الأمور. وإن كل ما يحدث إنما هو خطوات في برنامجه المرسوم للعالم ولقديسيه؛ خطوات نحو الهدف.
وعندما يتسرَّب إلينا اليأس بسبب ما يحدث حولنا، وعندما نرى الأشرار ينجحون، فعلينا أن نفتح عيوننا على الوضع الحقيقي في العالم، كما فتح غلام أليشع عينيه في دوثان. فعندما كان الغلام يرتعش خوفًا، فتح الرب عينيه فرأى أن الذين معه أكثر من أعدائه «فتحَ الرَّبُّ عَينيِ الغُلاَمِ فأَبصـرَ، وإِذَا الجبَلُ مَملُوءٌ خَيلاً ومركباتِ نارٍ حولَ أَليشعَ» ( 2مل 6: 17 ). إن أي واحد كان يعتقد أن أليشع وغلامه مُهدَّدان بالهلاك العاجل، ولكن الإنسان لا يستطيع أن يرى كل شيء، بل هو لا يعرف أن «مَلاكُ الرَّبِّ حَالٌّ حولَ خائفيهِ، ويُنجِّيهم» ( مز 34: 7 ). ألَا يخبرنا الكتاب المقدس أن الملائكة هم «أَروَاحٌ خادمَة مُرسلَةً للخدمةِ لأَجلِ العتيدينَ أَن يَرِثُوا الخلاصَ!» ( عب 1: 14 )؟
إن الله على عرشه يوجه الأمور بقوته وحكمته غير المحدودتين، فلنضع في بالنا هذه الكلمات «كُلَّ الأَشياءِ تعمَلُ معًا للخيرِ للذينَ يُحِبونَ اللهَ» ( رو 8: 28 ).