الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق ‫الثلاثاء‬ ‫5‬ ‫فبراير‬ 2019 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
‫ترنيمات هارب‬
‫«يَا قُوَّتي لَكَ أُرَنمُ، لأَنَّ اللهَ مَلجَإِي، إِلَهُ رَحمَتي»‬‫ ( مزمور 59: 17 )
‫ في كلمة الله نجد الصورة الكاملة للنفس البشرية، سواء من حيث مظهرها الخارجي، أو من جهة حالتها الداخلية، وهذا ما يمكن أن نرى أنموذجًا له في مسيح الرب ”داود“. والأسفار التاريخية تبرز لنا الصورة الخارجية لحالة النفس، أمَّا سفر المزامير فيدخل بنا إلى أعماق النفس، ويكشف ما بها من مكنونات، وما هي عليه في الحقيقة. إن الصورة الخارجية تبرز ما تبدو عليه النفس أمام الناس والقديسين، أمَّا الحالة الباطنية فتكشف ما نحن عليه أمام الله. إن الحالة الخارجية قد تبرز ما هو من الإنسان، أما الحالة الباطنية فتكشف ما هو من الإيمان. هذه الحالة المزدوجة هي ما نرى عليه القديسين في أحوال كثيرة.‬

‫ في سفر 1صموئيل 19: 11-18 نرى داود هاربًا من شاول إذ أراد قتله، ثم بعدما هرب منه أرسل شاول رُسلاً وراءه لقتله. وفي هذه الأثناء نجد أن داود قد نجا بحيلة، وهرب إلى صموئيل في الرامة. وهنا قد لا نرى سوى شخصًا يملؤه الخوف مُستعينًا بالحيلة البشـرية للهرَب، ثم يلجأ لرجل لحمايته وهو صموئيل. هذه هي الصورة الخارجية التي نرى عليها داود، وهي الصورة التي نلمس فيها التصـرُّف الإنساني الطبيعي في مواجهة الخطر. لقد هرب داود إلى صموئيل في الرامة بحثًا عن الملجأ والحِمى. لكن ما أروع ما يكشفه لنا الروح القدس عن حالة الإيمان التي كان عليها داود في تلك الأثناء، حيث نرى في مزمور 59 حالته الباطنية وهو في قلب الأحداث! فنحن هنا نرى قلبًا يتحوَّل بالإيمان إلى الله ليستنجد به. هذه هي الحقيقة الإيمانية الراسخة في وقت الخطر والشدة. ففي وقت الحاجة يلجأ الإيمان إلى الرب وحده.‬

‫ أ ليس هذا هو عين ما تفوَّه به الإيمان وقتئذٍ «أَنقِذني ... يا إِلَهي .. احمني .. نَجِّني .. خَلِّصني» ( مز 59: 1 ، 2). إن إيمانًا كهذا لا بد وأن ينتهي بالغناء والترنيم «أَمَّا أَنَا فَأُغَنِّي بقُوَّتكَ، وَأُرَنِّمُ بالغَدَاة برَحمَتكَ، لأَنَّكَ كُنتَ مَلْجَأً لِي، ومَنَاصًا في يَومِ ضِيقِي. يا قُوَّتِي لَكَ أُرَنِّمُ» ( مز 59: 16 ، 17).‬

‫ إن الحالة الخارجية بحسب الظاهر تُرينا استناد الإنسان على الوسيلة، أما الحالة الباطنية فتُرينا اعتماد الإيمان على الرب وقوته وكفايته، فلاقَ لمَن كان الرب له ملجأٌ من الدينونة، وملاذٌ وقت الخطر، ومناصٌ في يوم الضيق، لاقَ به أن يُرنم.‬

‫ جوزيف وسلي‬
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net