«لِيَ الحَيَاة هِيَ المَسِيحُ»: هذا التعبير يعني: أن أعيش، هو أن يعيش المسيح. فبالنسبة لبولس، أن يحيا على الأرض، هو أن يعيش المسيح من خلاله. فلم تَعُد الحياة لبولس فرصة ليغتنمها، ويُعظم اسمه، ويحقق ما استطاع، لكنها فرصة ليعيش المسيح. هذا قانون الأتقياء في عائلة الله، أن تكون حياتهم فرصة ليحيا المسيح من خلالهم. وفرصتهم هم للحياة، في السماء؛ حيث المُتعة الكاملة، الهادئة، الغير متقطعة، بالحياة الحقيقية.
بداية بسيطة: هذه الحياة المجيدة تبدأ بسيطة، بحُب حقيقي للمسيح. والإرادة في طاعة لا ترغب إلا فعل مشيئته وحمل نيره. والفكر مُستقــر فـي المسيح، حافظ للنفس في اتزان. وكل الظروف دافعة للأمام في طريق مشيئة الله.
تدريب عميق: أن يحيا المسيح من خلالنا، أمر يحتاج لتدريب طويل في مدرسة النعمة. (1) يبدأ بإدراكنا لضعفنا؛ أو قُل: الشعور الشديد بالاحتياج للقوة الإلهية، والتي لن تعمل إلا في الضعف «تَكْفِيكَ نِعْمَتِي، لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضُّعفِ تُكْمَلُ» ( 2كو 12: 9 ). (2) ومع التكريس وحفظ الوصايا، والكلام، تبدأ النفس تتعلَّم أن «يَحِلَّ المَسِيحُ بِالإِيمَانِ فِي قُلُوبِكُمْ» ( أف 3: 17 ). وهنا تتمع النفس بالقوة في الإنسان الباطن. (3) وللصليب دور هام، لكي يُستعلَن المسيح الحي فيَّ، لمَن هم في الخارج «مَعَ المَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحيَا لاَ أَنَا بَلِ المَسِيحُ يَحيَا فِيَّ» ( غل 2: 20 ). فبالصليب يمكن للمسيح التحرُّك بحرية، من خلالنا.
نقطة التحوُّل: هناك تغيير جذري عميق لا بد يحدث في الكيان الأدبي، نتاج مُعاينة مجد المسيح. رأى بولس المسيح في المجد، فتساقط كل ما عدا المجد. ونفوس هؤلاء الأتقياء، دون استثناء، عايَنوا مجد معاملات السماء. فهم للمجد الإلهي دائمًا طالبون، ولحياة المسيح مُستعرضون.
«المَوتُ هُوَ رِبْحٌ»: إنه: (1) وقت الحصاد لكل تاجر عظيم (كبولس)، استضاف المسيح في قلبه، بل تنازل له، عن حياته، ليحيا هو؛ أي المسيح. فبعد الموت سيُكرمه المسيح، حسب إكرام الملك، عن إضافته لشخصه، وإقامته الدائمة في قلبه، وكل ما أنفَقه. وهنا المُباينة بين المفديين شاسعة. (2) وقت التمتع بكل ما جمعناه مِن ”مَّنْ“ في البرية. وأيضًا بركات الحياة الأبدية. هذا كله، ونحن بالأجساد المُمجَّدة، في بيت الآب.