«لا نقدر أن نصعَد إلى الشعب، لأنهم أشدُّ منَّا» ( عدد 13: 31 )
إن عدم الإيمان هو نبع الخطية والحزن. والجواسيس الذين أُرسِلوا ـ بسماح من الله ـ ليتجسَّسوا أرض كنعان، كانوا برهانًا على عدم إيمان الشعب. وفي عدد 13: 26- 33 نجد تقرير الأقليَّة من الجواسيس، وتقرير الأكثرية. فالأكثرية بعد أن أوضحوا أن الأرض كما تكلَّم الرب عنها تمامًا، ابتدأوا يشيعون مذمَّة الأرض قائلين: «إن الشعب الساكن في الأرض مُعتزٌ، والمـدن حصينةٌ عظيمةٌ جدًا. وأيضًا قد رأينا بني عناق هناك ... لا نقدر أن نصعَد إلى الشعب لأنهم أشدُّ منَّا ... هي أرضٌ تأكل سُكانها ... هناك الجبابرة».
ولا يمكن أن توجَد بركة لأولئك الذين يسلكون بالعيان وليس بالإيمان. توجد دائمًا عمالقة ومستحيلات أمام العيان. غالبية الجواسيس قالوا: «لا نقدر أَن نصعد». لقد قاسوا مشاكلهم على مقدراتهم البشرية، أما المؤمن الذي يسلك بالإيمان، فهو وحده الذي يستطيع أن يختبر حقيقة القول: «أستطيع كل شيء في المسيح الذي يُقوِّيني». كان الله قد قال لهم في خروج 3: 8 إنه «نزلَ ليُنقذهم من أيدي المصريين، ويُصعدَهُم من تلك الأرض إلى أرضٍ جيدة تفيض لبنًا وعسلاً». وإن كان قد أتمَّ الشطر الأول من الوعد، فهل يعسر عليه أن يُتمِّم الشطر الثاني؟! نعم «إنَّ ما وعدَ به هو قادر أن يفعله أيضًا» ( رو 4: 20 ). ولكن لأنهم نظروا إلى العمالقة فقد نسوا وعد الرب، فرفعوا صراخ عدم الإيمان ( عد 14: 1 ، 2). نعم إن عدم الإيمان هو نبع الخطية والحزن. وإن السير بالعيان بدون الإيمان يؤدي حتمًا إلى التحوُّل عن الله. فإن كان الله استطاع أن يُخلِّصهم من أرض مصر، فما الذي يمنعه من تتميم باقي وعده بإعطائهم الأرض؟
ولكن لنرى تقرير الأقلية. اثنان فقط من الجواسيس آمنا أن الله قادر أن يُتمِّم ما وعد به، وقالا: «إنَّنا نصعد ونمتلكها لأننا قادرون عليها» ( عد 13: 30 ). إن الإيمان لا يعتمد على الظروف، بل على الله. وما كان أردأ التأثير الذي تركه تقرير الأكثرية! ( عد 14: 1 -10). إن عدم إيمان الأكثرية لم يحرمهم من دخول الأرض الجيدة فقط، بل جعل أيضًا كل الشعب يحتقر الأرض ( مز 106: 24 ). فكم يكون تأثيرنا في الوسط المحيط بنا إن للخير أو الشر!